8:10:45
"مسند أبان بن تغلب الكوفي"... موسوعة حديثية فريدة يصدرها مركز كربلاء للدراسات والبحوث المرقدان الشريفان... محركا الاقتصاد الكربلائي عبر العصور كربلاء مدرسة العلماء... الشيخ الخازن أنموذج الفقيه الأديب المحقق من كربلاء إلى الكوفة، والخازر، فعين الوردة... حكاية السيوف التي انتقمت لدم الحسين "عليه السلام" تهنئة  استمرار الدورة الفقهية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث من النواويس إلى الحائر... رحلة الأرض التي احتضنت الإمامة والشهادة اهل البيت عليهم السلام: منزلتهم و مبادئهم هلاك الاستبداد و نجاة التشاور ... محمد جواد الدمستاني موقف شهداء الطفّ... حين ارتفعت قيم الكرامة فوق رايات النفاق في مكتبة مركز كربلاء... المرجع الأهم للنجاح في إختبار التوفل الدولي مدينة الحسين "عليه السلام" في الأرشيف العثماني... ملامح سياسية واقتصادية يكشفها مركز كربلاء للدراسات والبحوث أسرار تحت أقدام الزائرين... ماذا تخبئ تربة كربلاء من كنوز زراعية وتاريخية؟ قاسم الحائري... شاعر كربلاء الذي بكى الحسين حتى العمى المساجد ومجالس الأدب كمصنع للوعي... أسرار ازدهار الصحافة في كربلاء العمل في فكر الأنبياء "عليهم السلام"... صناعة الإنسان قبل صناعة الحضارة قراءة في كتاب: "الإمام المهدي في القرآن والسنة" سفر من نور في مكتبة مركز كربلاء كتب "الولائيات" بين المبالغة والوهم... مركز كربلاء يقرأ نصوص الطف بعين العقل والمنطق تحت شعار: "بالألوان نرسم الأمل".. مركز كربلاء يحلّ ضيفاً على أول معرض فني بمدرسة عراقية في مدينة قم المقدسة الصبر على المصيبة مصيبة للشامت ... محمد جواد الدمستاني
اخبار عامة / أقلام الباحثين
03:43 AM | 2020-09-17 1699
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

دِماءٌ لِحمايةِ حُريَّةِ التَّعبِير

 بقلم (نـــــزار حيدر)

إِذا كان بإِمكانكَ أَن تعبِّر عن رأيكَ بِلا خَوفٍ أَو طمعٍ فأَنتَ إِنسانٌ تمتلك كلَّ شيءٍ، أَمَّا إِذا لم يكُن بمقدورِكَ ذلك فأَنتَ لا تمتلكُ شيئاً، حتَّى شخصيَّتك لا تمتلكَها فهي بهذهِ الحالةِ ملكُ غيرِكَ، فإِذا امتلكها مثلاً [عجلٌ سمينٌ] فأَنت ذيلهُ!

حريَّة التَّعبير تعني أَنَّ المُواطن محميُّ إِذا عبَّرَ عن رأيهِ فلا تُفتِّشُ السُّلطةُ عقلهُ ولا يُحاكمهُ المُجتمعِ إِذا اختلفَ مع [كِبار القَوم] يقولُ ما يشاءُ؟ كيفَ يشاءُ؟ متى ما يشاءُ؟ وقبلَ ذلكَ يقرأُ ما يشاءُ ويُتابعُ حديث من يشاءُ ليُفكِّر كيفَ يشاءُ؟ وأَنَّ النَّاسَ تُصغِ بعضها إِلى البعضِ الآخر فتنتعشُ الأَفكار وتتطوَّر الرُّؤَى وتتَّسع العلُوم والمعارِف وتتلاقح النظريَّات.

حتَّى التَّعليمُ الذي يُنمِّي القُدُرات الذهنيَّة والعقليَّة وطرُق التَّفكير والبحث والتَّخطيط ويُقوِّي الذَّاكرة، سيكونُ بِلا معنى إِذا كانت حريَّة التَّعبير غائِبة في المُجتمع، فالتَّعليمُ وحريَّة التَّعبير توأَمان سِياميَّان إِذا انفصلَ أَحدهُما عن الآخر ماتا معاً إِذ لا معنى للتَّعليم بِلا حريَّة التَّفكير ولا معنى للأَخيرةِ من دونِ حريَّة التَّعبير.

إِقرأُوا تجارب الأُمم والشُّعوب فستجدُونَ أَنَّ حريَّة التَّعبير هو معيار النَّجاح والفشل، التَّقدُّم والتَّأَخُّر، النُّهوض والسُّكون، ولذلك حرصَ المُشرِّع عليها بقولهِ {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ} وقولهُ تعالى {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}.

حريَّة التَّعبير تعني أَنَّهُ لا أَحد في المُجتمع يرى نفسهُ مالك الحقِّ المُطلق وبالتَّالي فلا داعي لآراء الآخرين كما فعلَ ذلكَ الطَّاغية فرعُون مثلاً عندما خاطبَ قومهُ بقولهِ {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} فمنعَ النَّاس من الإِيمانِ بشيءٍ قبلَ أَن يأذنَ لهُم فقال {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} ولذلكَ فهو بهذهِ العقليَّة أَغلق كلَّ منافذ إِنقاذ المُجتمع من الإِنحراف وأَضاعَ كلَّ فُرص التَّغيير والإِصلاح عندما حدَّد الحق المُطلق بعقلهِ وفكرهِ ورأيهِ وطريقة تفكيرهِ فقط.

إِذا رأَيتَ الرَّأيُ مقموعاً في مُجتمعٍ ما فتأَكَّد بأَنَّهُ مُجتمعٌ مُنافقٌ ذو وجهَين، فالذي لا يقدرُ على إِبداءِ رأيهِ الذي يعتقد بهِ يضطر للتَّعبيرِ عن رأيٍ لا يُؤمن بهِ ليحمي نفسهُ، رأي السُّلطة مثلاً أَو الأَغلبيَّة أَو الهمج الرُّعاع الذين يُسيطرُونَ على الشَّارع.

لقد مارسَ [الكوفيُّون] الحق في حريَّة التَّعبير إِبتداءً فعبَّروا عن رأيهِم بالحُسين السِّبط (ع) وبإِبن الطُّلقاء يزيد برسائلهِم وعندما تحكَّم الخَوفُ والطَّمعُ في [حُريَّتهِم] إِنقلبُوا على أَنفسهِم فبانَ النِّفاقُ في مواقفهِم.

في كربلاء ضحَّى الحُسين السِّبط (ع) ليحمي حريَّة التَّعبير، فأَرادَ أَوَّلاً أَن يُذكِّرهم بها من خلال شهادةِ رسائلهِم عليهِم {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا} والتي كانت أَكثر مِن {حِمْلِ بَعِيرٍ} ولكنَّ القَوم إِنقسمُوا بين مُتناسٍ أَو مُنكِرٍ بالمُطلقِ كذَّاب لأَنَّ الخَوف والطَّمع كانا هُما الحاكِمَينِ على العقولِ والضَّمائرِ والمشاعرِ.

 

المصدر:   https://annabaa.org/arabic/ashuraa/24523

 

Facebook Facebook Twitter Whatsapp