8:10:45
عبر ندوة إلكترونية متخصصة... مركز كربلاء يسلّط الضوء على إعجاز الإمام علي "عليه السلام" في فن الإدارة والقيادة مركز كربلاء للدراسات والبحوث يصدر كتاباً يوثق الذاكرة المحلية للحمّامات الشعبية في المدينة تناس مساوئ الإخوان تستدم ودّهم ... محمد جواد الدمستاني بين فيضانات الشرق وجفاف الغرب... جدلية الطبيعة في قلب كربلاء المقدسة في ندوة علمية متخصصة... مركز كربلاء يفتح ملف أزمة المياه على طاولة البحث والنقاش فقيه العراق وإمام إيران... الرحلة العلمية للشيخ البهبهاني بين كربلاء والكاظمية وكرمانشاه من "كفن نويس" إلى إنارة الروضة الحسينية... حكاية أسرة خدمت الحرم والتاريخ مكتبة مركز كربلاء للدراسات والبحوث تحتضن نسخة أصلية من كتابٍ هندسي بارز يعود لعام 1956 الغطاء النباتي في كربلاء... بين قسوة المناخ وسحر التوازن البيئي دعوة  انفوكرافيك من معالم مدينة كربلاء بين دفّتي (1400) صفحة من علوم الطب... "المرجع في الأمراض الجلدية" في مكتبة مركز كربلاء من قلب كربلاء إلى ضمير العالم... شهادات عن زيارة الأربعين في إصدار جديد لمركز كربلاء تهنئة..... عيد الغدير الاغر ليس العجب ممن نجا كيف نجا، و أمّا العجب ممّن هلك كيف هلك ... محمد جواد الدمستاني دعوة حراس الرسالة... من غار حراء إلى صحراء كربلاء كربلاء والبعد الثالث... قراءة عمرانية في عمارة العتبات الحسينية والعباسية قراءة في موسوعة الشيخ "محمد النويني" عن الحواضر العربية والإسلامية عظمة زيارة الإمام الرضا عليه السلام و يوم القيامة ... محمد جواد الدمستاني
اخبار عامة / أقلام الباحثين
03:39 PM | 2024-11-26 632
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

التعزية و المواساة بفقدان الأولاد و الأحبة

إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور،

وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور،

ابنك سرك و هو بلاء وفتنة، وحزنك و هو ثواب ورحمة

نهج البلاغة - حكمة 291

محمد جواد الدمستاني

يستحب تعزية أهل الميت، بتسليتهم و تسكين آلامهم، و تخفيف أحزانهم، و تذكيرهم بالأنبياء و النبي الأكرم و الأئمة صلوات الله عليهم، و بالأجر و الثواب الأخروي و تصبيرهم.

و في الرواية عن الإمام الصادق عن جده رسول الله صلّى الله عليه و آله «مَنْ عَزَّى مُصَاباً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ اَلْمُصَابِ شَيْئاً». قرب الإسناد،ج1ص156. و في الرواية عن الإمام الباقر (ع) فيما ناجى الله به موسى عليه السلام «قَالَ يَا رَبِّ فَمَا لِمَنْ عَزَّى اَلثَّكْلَى، قَالَ أُظِلُّهُ فِي ظِلِّي يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي». ثواب الأعمال و عقاب الأعمال،ج1ص194.

و تُقال عبارات المواساة لأقارب المتوفى التي تختلف من بلد إلى آخر و لكن مضمونها تسلية و تصبير أقارب المتوفى، نحو: عظّم الله أجوركم، أحسن الله لكم العزاء، مأجورين و مثابين، خاتمة الأحزان، البقاء في حياتكم، جبر الله مصابكم، لا أراكم الله مكروها، إن شاء الله بتسلموا، و الدعاء للمتوفى بالرحمة.

و عزّى النبي صلّى الله عليه و آله معاذ بن جبل عن ابن له ، بقوله «أَعْظَمَ اَللَّهُ لَكَ اَلْأَجْرَ، وَ أَلْهَمَكَ اَلصَّبْرَ، وَ رَزَقَنَا وَ إِيَّاكَ اَلشُّكْرَ، إِنَّ أَنْفُسَنَا وَ أَهَالِيَنَا وَ أَمْوَالَنَا وَ أَوْلاَدَنَا مِنْ مَوَاهِبِ اَللَّهِ اَلْهَنِيئَةِ وَ عَوَارِيهِ اَلْمُسْتَوْدَعَةِ، يُمَتَّعُ بِهَا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَ يُقْبَضُ لِوَقْتٍ مَعْدُودٍ، ثُمَّ اِفْتَرَضَ عَلَيْنَا اَلشُّكْرَ إِذَا أَعْطَانَا، وَ اَلصَّبْرَ إِذَا اِبْتَلاَنَا،..». بحار الأنوار،ج79ص95.

قال الله تعالى في كتابه الكريم «الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ». سورة القرة:156-157

وهي تعتبر من المراسم و الواجبات الاجتماعية في المجتمعات المتعددة على اختلاف ثقافاتها الشعبية و دينها و قوميتها و أمكنتها و جغرافيتها فهي تقوم بتعزية و مواساة أقارب و أرحام الميّت.

و في الرواية في نهج البلاغة أنّ أمير المؤمنين عليه السلام عزّي الأشعث عن ابن له بهذه الكلمات المواسية المعزية التي تؤثر في القبول و الرضا بالقَدَر، و الصبر على المصيبة، قال عليه السلام:

«يَا أَشْعَثُ إِنْ تَحْزَنْ عَلَى ابْنِكَ، فَقَدِ اسْتَحَقَّتْ مِنْكَ ذَلِكَ الرَّحِمُ، وَإِنْ تَصْبِرْ فَفِي اللَّهِ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ خَلَفٌ،

يَا أَشْعَثُ إِنْ صَبَرْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ وَأَنْتَ مَأْجُورٌ، وَإِنْ جَزِعْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ وَأَنْتَ مَأْزُورٌ،

يَا أَشْعَثُ ابْنُكَ سَرَّكَ وَهُوَ بَلَاءٌ وَ فِتْنَةٌ، وَ حَزَنَكَ وَهُوَ ثَوَابٌ وَرَحْمَةٌ». نهج البلاغة، حكمة291.

قال الشارح ابن ميثم البحراني بأنّ الإمام عليه السلام استدرجه أولا بتحسين الحُزن و أنّه في موضعه باعتبار أنّ الرحم يستحقّ من ذي رحمه ذلك، ثمّ عقّبه بما يدلّ على قبح الجزع و الحزن بأنّ الصبر به أولى، و نفّره عن الجزع، و عن إفراط السرور به و الافراط في الحزن علیه.

وفي نهج البلاغة أيضا، وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّهُ عَلَيهِ السَّلاَم قَالَ لِلْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مُعَزِّياً عَنِ ابْنٍ لَهُ «إِنْ صَبَرْتَ صَبْرَ الْأَكَارِمِ وَ إِلَّا سَلَوْتَ سُلُوَّ الْبَهَائِمِ». حكمة 414.

و في النهج أيضا «مَن لَم يُنْجِهِ الصَّبرُ أهلَكَه‌ُ الجَزَعُ». حكمة 189

قال عليه السلام:

«يَا أَشْعَثُ إِنْ تَحْزَنْ عَلَى ابْنِكَ فَقَدِ اسْتَحَقَّتْ مِنْكَ ذَلِكَ الرَّحِمُ»، أي كونه رحما لك، ابنك، و أنّ صلة القربى و العاطفة التي أودعها اللّه في نفوس الأرحام موجبة للحزن حالة الوفاة و الفقدان، و الحزن هو الصفة و الحالة الطبيعية.

و في الرواية، لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ رَسُولِ اَللَّهِ صلّى الله عليه و آله هَمَلَتْ عَيْنُ رَسُولِ اَللَّهِ (ص) بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ اَلنَّبِيُّ (ص) «تَدْمَعُ اَلْعَيْنُ، وَ يَحْزَنُ اَلْقَلْبُ، وَ لاَ نَقُولُ مَا يُسْخِطُ اَلرَّبَّ، وَ إِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ». الکافي،ج3ص262

«وَإِنْ تَصْبِرْ فَفِي اللَّهِ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ خَلَفٌ»،  الصبر أولى و الله يعوض الانسان عما أصابه.

مات ابنك فهذا قَدَر صبرت أو جزعت، «إن صَبَرْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ»، أي الذي قدّر لك من المصيبة و التوجع «وَأَنْتَ مَأْجُورٌ»، لك أجر و ثواب بصبرك في المصيبة، عوض عن فقدك لابنك، و الصبر على المصيبة محمود.

«وَإِنْ جَزِعْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ وَأَنْتَ مَأْزُورٌ»، جَزِعَ لمصابه أي لم يصبر على ما أصابه، و الجزع اظهار الشكوى وعدم الرضا بالمصائب، و مأزور تقابل مأجور أي مرتكب للوزر و الذنب، «إِنْ جَزِعْتَ» و لم تصبر و أظهرت الشكوى و عدم الرضا «جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ وَأَنْتَ مَأْزُورٌ»، و أنت مأثوم.

فحكم اللّه سينفذ «جَرَى عَلَيْكَ الْقَدَرُ»، سواء صبرت على بلائه و رضيت بقضائه و حكمه فلك الأجر و الثواب، أو جزعت و أظهرت الشكوى و عدم الرضا و أنت مأزور، فخير لك الصبر لأنّه يكافأ بالأجر و الثواب، أمّا الجزع فلا ثواب له.

و في غرر الحكم عن أمير المؤمنين عليه السلام «اَلْمُصِيبَةُ وَاحِدَةٌ فَإِنْ جَزِعْتَ كَانَتِ اِثْنَتَيْنِ». عیون الحکم،ص26.

و في معنى الجزع روي عن الإمام الباقر عليه السلام، قَالَ الراوي: «قُلْتُ لَهُ مَا اَلْجَزَعُ؟ قَالَ أَشَدُّ اَلْجَزَعِ اَلصُّرَاخُ بِالْوَيْلِ وَ اَلْعَوِيلِ، وَ لَطْمُ اَلْوَجْهِ، وَ اَلصَّدْرِ، وَ جَزُّ اَلشَّعْرِ مِنَ اَلنَّوَاصِي، وَ مَنْ أَقَامَ اَلنُّوَاحَةَ فَقَدْ تَرَكَ اَلصَّبْرَ وَ أَخَذَ فِي غَيْرِ طَرِيقِهِ، وَ مَنْ صَبَرَ وَ اِسْتَرْجَعَ وَ حَمِدَ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَدْ رَضِيَ بِمَا صَنَعَ اَللَّهُ وَ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اَللَّهِ، وَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِ اَلْقَضَاءُ وَ هُوَ ذَمِيمٌ وَ أَحْبَطَ اَللَّهُ تَعَالَى أَجْرَهُ». الکافي،ج3ص222.

و أمّا الجزع على النبي و آله الأطهار صلوات الله عليهم فهو جائز و مأجور صاحبه، قال أمير المؤمنين عليه السلام على قبر رسول اللَّه صلّى الله عليه و آله ساعة دفنه : «إِنَّ الصَّبْرَ لَجَمِيلٌ إِلَّا عَنْكَ، وإِنَّ الْجَزَعَ لَقَبِيحٌ إِلَّا عَلَيْكَ، وإِنَّ الْمُصَابَ بِكَ لَجَلِيلٌ و إِنَّهُ قَبْلَكَ وَبَعْدَكَ لَجَلَلٌ». نهج البلاغة، حكمة 292.

و في كامل الزيارات في زيارة الإمام الحسين عليه السلام عن الإمام الصادق عليه السلام «إِنَّ اَلْبُكَاءَ وَ اَلْجَزَعَ مَكْرُوهٌ لِلْعَبْدِ فِي كُلِّ مَا جَزِعَ - مَا خَلاَ اَلْبُكَاءَ وَ اَلْجَزَعَ عَلَى اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَإِنَّهُ فِيهِ مَأْجُورٌ». كامل الزيارات،ص100

و الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام فِي حديث زيارة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء من قرب و بعد قال: «ثُمَّ لْيَنْدُبِ اَلْحُسَيْنَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ يَبْكِيهِ، وَ يَأْمُرُ مَنْ فِي دَارِهِ مِمَّنْ لاَ يَتَّقِيهِ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ، وَ يُقِيمُ فِي دَارِهِ اَلْمُصِيبَةَ بِإِظْهَارِ اَلْجَزَعِ عَلَيْهِ، وَ لْيُعَزِّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِمُصَابِهِمْ بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ». وسائل الشیعة،ج14ص509

«يَا أَشْعَثُ ابْنُكَ سَرَّكَ»، سرّه في ولادته و نشأته ، فالوالد يفرح بولده و يراه امتداد لحياته، و البنون زينة الحياة الدّنيا، قال إبراهيم الخليل فرحا شاكرا : «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ». سورة إبراهيم:39.

«وَهُوَ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ»، أي امتحان، قال تعالى: « إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ»، التغابن:15،  يختبرهم الله بهم، و في الرواية عن النبي صلّى الله عليه و آله : «اَلْوَلَدُ مَجْبَنَةٌ مَبْخَلَةٌ مَحْزَنَةٌ»، بحار الأنوار،ج101ص97، و في رواية أخرى عنه صلّى الله عليه و آله « أَوْلاَدُنَا أَكْبَادُنَا، صُغَرَاؤُهُمْ أُمَرَاؤُنَا، كُبَرَاؤُهُمْ أَعْدَاؤُنَا، وَ إِنْ عَاشُوا فَتَنُونَا، وَ إِنْ مَاتُوا حَزَنُونَا». جامع الأخبار،ج1ص105.

«وَ حَزَنَكَ وَ هُوَ ثَوَابٌ وَ رَحْمَةٌ»، لأبويه، فموت الطفل و إن كان يحزن والديه إلا أنّ الله يعوضهما الثواب الجزيل فهو ثواب و رحمة.

في الكافي عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ رَفَعَه، قَالَ جَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام إِلَى الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ يُعَزِّيه بِأَخٍ لَه يُقَالُ لَه عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَه أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام: إِنْ جَزِعْتَ فَحَقَّ الرَّحِمِ أَتَيْتَ، وإِنْ صَبَرْتَ فَحَقَّ اللَّه أَدَّيْتَ، عَلَى أَنَّكَ إِنْ صَبَرْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَضَاءُ وأَنْتَ مَحْمُودٌ، وإِنْ جَزِعْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَضَاءُ وأَنْتَ مَذْمُومٌ، فَقَالَ لَه الأَشْعَثُ إِنَّا لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه رَاجِعُونَ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام: أتَدْرِي مَا تَأْوِيلُهَا؟ فَقَالَ الأَشْعَثُ: لَا، أَنْتَ غَايَةُ الْعِلْمِ ومُنْتَهَاه، فَقَالَ لَه أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا لِلَّه فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِالْمُلْكِ، وأَمَّا قَوْلُكَ وإِنَّا إِلَيْه رَاجِعُونَ فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِالْهَلَاكِ. الكافي،ج3ص265

 

المقال يمثل رأي الكاتب وليس بالضرورة ان يمثل رأي المركز

Facebook Facebook Twitter Whatsapp