إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
لا يغيبن عنك أن ما سبق من ولاية الله سبحانه لعبده ولزوم توكله عليه وحسن ظنه به لا يقتضي أن يترك المرء التمسك بالأسباب التي جعلها تعالى للأشياء، فإن ذلك جهل بمواضع الامور، فإنه تبارك وتعالى هو الذي خلق هذه الأسباب وجعلها وصلة إلى آثارها، وبنى عليها هذه النشأة الدنيا، فلا بد للمرء ان يتوصل في مقاصده الصحيحة الدنيوية والأخروية إلى ما جعله الله تعالى من أسبابها بمقدار جهده، من غير نقض للقيم الفاضلة، ثم يتكل في ما يتفق له عليه سبحانه.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص155