من هو شاهد كربلاء؟
كتب الدكتور هاشم جعفر قاسم في المؤلف الموسوم (سوق التجار الكبير .. شاهد لألف عام) الصادر عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة إن " المصادر التاريخية تحدثنا عن أن بناء سوق التجار الكبير مع بقية الاسواق والمباني العامرة التي زخرت بها كربلاء يعود إلى عهد عضد الدولة البويهي سنة (369هـ/ 980م)، ضمن سلسلة تخطيط وإعمار وبناء في المدينة امتدت إلى عام (71هـ/ 982م)، وقد مثل صرحاً تاريخيا قديماً، وأثرا حضاريا عريقا امتد لقرون طويلة، فقد أحيط بسور عال ولأول مرة في تاريخ كربلاء المقدسة".
واضاف" وقد اختير السوق في موقع مهم، فبعد أن بنى البويهيون صحناً إضافياً صغيراً إلى الصحن الحسيني الشريف، انطلق السوق من هذا الصحن شمالاً، ليتفرع غرباً ملتقياً عند الصحن العباسي الشريف، وتذكر بعض المصادر التاريخية أن اسم السوق كان (سوق سيد الشهداء)، وتكون من ثلاث طوابق، وبسقف متصل من الآجر مقوس الشكل"
ولبيان الحجم الكبير للسوق ذكر الدكتور هاشم قائلاً " نظراً لحجم السوق وسعته، وتنوع بضائعه، فقد أطلقت تسميات عدة على أجزائه، فسمي الجزء المنطلق من باب الصحن الحسيني الشريف، والمتخصص بتجارة المواد الغذائية (العطارة)، بـ (سوق الحسين)، والجزء المتفرع عنه غرباً، والمتخصص بتجارة الأقمشة (البزازة)، والمنتهي بشارع الإمام علي، بـ (سوق التجار الكبير)، وامتداده عبر شارع الإمام علي وصولاً إلى الصحن العباسي الشريف، والمتخصص بتجارة الذهب (الصياغة)، بـ (سوق العباس).
ولتوضيح أهمية سوق التجار وموقعه الجغرافي قال الدكتور هاشم " بعد مرور مدة على تأسيس السوق، تشجع سكان المدينة على أن يبنوا المدارس الدينية والحمامات والمقابر، وأما الميسورون من سكان المدينة، فبنوا بيوتهم حوله وباتجاهات مختلفة من مادة الجص والآجر المادة الرئيسية والمفضلة في حينها، وبعد قرون طويلة أيضاً، تغيرت ديمغرافية المدينة وجغرافيتها، وهدمت أحياؤها بتغير الظروف السياسية والاجتماعية، أما السوق الكبير، فقد بقي قائما وشاهدا على حقب زمنية طويلة، تؤرخ من خلاله الأحداث التي مرت بالبلد عموما، وبمدينة كربلاء المقدسة على وجه الخصوص، حيث اعتبرت مرحلة بناء السوق من أهم المراحل العمرانية في مدينة كربلاء المقدسة، حين كان المركز التجاري الأهم، ونقطة الانطلاق لبناء المنشآت الحيوية للمدينة، والتي تحيطها الأراضي الزراعية من كل الاتجاهات".
والجدير بالذكر فأن سوق التجار الكبير كان شاهداً تاريخيا على تجارة كربلاء، وطقوسها وشخوصها وأحداثها لألف عام من الزمان (۹۸۰-۱۹۸۰م).