لم تقتصر المظاهر الخاصة بشهر رمضان المبارك في مدينة كربلاء المقدسة على الجوانب الدينية والعقائدية فحسب، وإنما كان للعادات والتقاليد الاجتماعية طابعها الخاص لدى أبناء مدينة أبا الأحرار "عليه السلام" على إختلاف أعمارهم وأجناسهم.
ومن بين أبرز هذه العادات والتقاليد التي تشهدها أيام وليالي الشهر الفضيل، هو أن الكربلائيين لا يقتصرون في نشاطاتهم الرمضانية على إرتياد المساجد والحسينيات التي تظل مفتوحة يومياً حتى السحور، أو الحضور مجالس الوعظ والارشاد التي تقام فيها بصورة يومية، أو حتى زيارة دواوين محلات ومتاجر بعضهم البعض في حارات المدينة وازقتها، بل يتزاورون من بيت الى بيت على إمتداد فترة الشهر الفضيل.
وتذكر المصادر أنه "قد جرت العادة في تلك الايام أن يتبادل الأهالي الدعوات على طعام الافطار بغية الحصول على الأجر والثواب، أما أصحاب البساتين فانّ الغالب منهم يتبادلون الزيارات من بستان الى آخر من جهة، وزيارة الاقارب والمعارف في مركز المدينة من جهة أخرى، وهو ما لم نعد نشهده اليوم حيث أخذت هذه العادة تنقرض لأسباب عدة"، مشيرةً الى أنه "تدور في المجالس الرمضانية، أحاديث وحكايات وقصص عن قضايا الساعة والمجتمع، فيما تتكلم مجالس أخرى في الأدب والفكر، وأخرى في الدين والتاريخ وفي شؤون الحياة المختلفة".
وتضيف تلك المصادر أن "محور الحديث في جميع المجالس السالفة الذكر، هو أهمية الصوم وأبعاده وفوائده، نظراً لكونه من الناحية الاجتماعية يثقّف الصائم على ترك العادات الضارة التي تفكك الاخلاق والمجتمع، ومنها أن الصائم لا ينظر الى عورات الناس، ويتودد الى ذوي القربى ويتصدق على اليتامى وأبناء السبيل، ويحسن الى المعوزين ويعطف عليهم، كما يتفقد المرضى والايتام والارامل وغيرها من أنواع البر والصدقات مما يرفه عن الفقير ويدخل السرور الى قلبه.
هذه الواجبات وغيرها مما فرضها الاسلام على الصائمين، تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد الناس، مما يسفر بالتالي عن تحقيق الوحدة الاجتماعية عبر المحبة والمودة وتبادل المنافع.
المصدر: اضغط هنا