ذكر كتاب "مدينة الحسين" الصادر عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، أنه تلبيةً لأمر طاغية بني العباس "المتوكل" بهدم قبر الإمام الحسين "عليه السلام"، فقد تأهب "الديزج" الى الخروج، ومعه جماعة من اليهود، ومن غلمانه، سيّر معهم المتوكل، "عمر بن فرج الرجحي"، وترأس الحملة حينها "هارون المعري" قائد المتوكل.
وبيّن المصدر أن "الديزج نزل الكوفة، وأخذ معه جماعة من الفعلة، ومعهم المساحي، وتوجهوا الى كربلاء، فوصلوها عند المساء، فتقدم الديزج بنفسه، وأخذ يحفر عند موضع القبر، ثم أمر غلمانه بتهديم وتخريب قبر الإمام الحسين، ثم كربه ومخره، وأمر بتخريب كل ما حوله، ثم طرح بنفسه جانباً لما ناله من تعب السفر فنام، ثم أخذ غلمانه في الشروع بتخريب كل ما حول القرب من المنازل والدور، وهدم بناء القبر، وكرب ما حوله نحو مائتي جريب (جريب يساوي ستون ذراعاً) حتى بلغوا موضع القبر نفسه، فلم يجرأ على التقدم أحد منهم، حيث قد إستولى عليهم الرعب".
وتابع الكتاب، أن "هؤلاء الغلمان أستبدلوا بغيرهم جماعة من اليهود الذين كانوا معهم، فلما تقدم هؤلاء اليهود وبيدهم المساحي والمروز، شاهدوا قوماً يحولون بينهم وبين قبر الحسين (عليه السلام) وأخذوا يرمونهم بالسهام والنبال، فعلت عند ذلك ضوضاء اليهود، والغلمان والفعلة، فجاءوا ينبهون الديزج فأستيقظ مذعوراً من نومه وسألهم (ما شأنكم؟)، قالوا (أعجب شأن)، فسألهم (ما وراءكم؟) قالوا (بموضع القبر قوم حالوا بيننا وبين القبر، وهم يرمونا بالسهام)، فنهض معهم ليكشف الحقيقة، فوجد الحال كما وصفوا له، وكانت ليلة من الليالي المنيرة، فأمر الديزج غلمانه أن يرمونهم بالسهام، فرموا فعادت أسهامهم عليهم، فأستوحش لذلك واستولى عليه الرعب والفزع، وكذلك قومه، فاستولت عليه الحمى، فرحل ورحل غلمانه جانباً من القبر، وارتضى أن يقتله المتوكل على أن لا ينفذ هذا الأمر، وأقسم غلمانه على كتمان ذلك الأمر على المتوكل، فمخر القبر بالماء وكربه بالبقر، وكر بنفسه راجعاً الى الكوفة، وأرتفعت درجة حماه كثيراً حتى مات من تلك الحمى، وقد ترك الديزج على رأس غلمانه في كربلاء (عمر بن فرج الرجحي)، ولما دخل الديزج على القاضي( جعفر بن محمد الكوفي)، سأله (ما صنعت؟) فقال (أين فعلت ما أمرت فلم أر شيئاً ولم أجد شيئاً)، فقال له القاضي (أفلا عمقته؟) قال (فعلت ذلك وما رأيت)، فكتب عند ذلك القاضي إلى المتوكل يخبره بما فعل إبراهيم الديزج.
المصدر:- محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة، "مدينة الحسين – مختصر تاريخ كربلاء"، الجزء الثاني، أحد منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2016، ص 138 - 139.