سليمان القانوني أحد سلاطين الدولة العثمانية افتتح العراق سنة (941هـ)، دخل بغداد، يوم الاثنين، (24جمادى الأولى) بدون حرب، أو مقاومة، إذ رحل عنها ممثل الدولة الصفوية محمد خان الى ايران.
وفي صبيحة يوم الجمعة (28 جمادى الأولى) قام بزيارة مدينة كربلاء المقدسة في غاية الاجلال والاحترام، بعدما اخذت الشكوك تخامر السلطان العثماني والمخاوف التي تراوده بسبب الانقسام يومذاك في بغداد بين مناوئيه من أنصار الصفويين سيما النفوذ القومي الذي كان ظاهراً للفئات المؤيدة منهم في مدن العتبات المقدسة، حيث كان للشعور الديني أثر كبير في نجاح خطته السياسية، لأنه أدرك ان الذين سبقوه من حكام الدولة الصفوية في العراق كانوا على جانب عظيم من السلطة الدينية التي كانوا يدعمون بها سلطتهم السياسية والقانونية.
توجه السلطان سليمان الى زيارة كربلاء، فلما وصل الى تل مرعز الواقع على بعد (18كم) من كربلاء، شاهد فيه قبة الامام الحسين عليه السلام ترجل من جواده، استفسر بعض أمرائه عن سبب ترجله، فأجابهم قائلاً: "عند مشاهدتي معالم هذه القبة ارتعشت جوانحي، فلم أستطع الركوب"، قيل له ان المسافة بيننا وبين كربلاء بعيدة، وأنك لا تستطيع السير إليها على الاقدام فقال: "لنستخير الله العزيز، فناولوه المصحف الشريف، فاستخار الله به، ثم فتحه وإذا بالآية الكريم تقول (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) (12) طه.
لم يكن ذلك التواضع والعمل التأدبي الجدير بالذكر من السلطان العثماني إلا لأمرين الأول اظهار المودة الخالصة، والإعظام والتقديس للأئمة الأطهار (عليهم السلام) بإيمان عميق اما الامر الثاني كان كسب رضا سكان العتبات المقدسة الذين كان لهم من الوعي ما كانوا يستطيعون التوازن به بين الدولتين الصفوية والعثمانية آنذاك، ومدى تمسك أي منهما بمبادئ الدين الحنيف.
المصدر/ مدينة الحسين (ع)، محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة، ج3، ص25-29