تذكر العديد من المصادر التأريخية أن كربلاء كانت أرضاً تتميز بشهرتها منذ زمن نبي الله آدم "ع"، وكانت موضع عناية الأنبياء والأوصياء على مدار التأريخ رغم صغر مساحتها وقلة عدد ساكنيها.
دخلت كربلاء تاريخ العالم من أوسع أبوابه سنة 61 هـ على أثر واقعة الطف الأليمة، مما أكسبها في لاحق الأيام أهميةً متزايدة في نفوس العالمين يمكن تبيانها من قرن الى آخر رغم إهمالها (ومعاداتها غالباً) من قبل السلطات الحاكمة، حيث لم تشهد هذه المدينة خلال القرن الأول للهجرة أي عمران أو بناء، ليأخذ صيتها بالتنامي بصورة أكبر بحلول القرن الثاني وبدء عهد بني العباس الذين زاد عداؤهم للمدينة من أهميتها وخصوصاً بعد قيام الطاغية هارون العباسي بهدم قبر سيد الشهداء "ع" وإغراقه بالمياه، مما دفع الناس الى التوافد أفواجاً وجماعات لزيارة القبر الشريف حتى أواخر القرن الثالث الهجري بعد أن ذاع صيتها وأصبحت موضع اهتمام الديالمة الى درجة دفعت بالحاكم البويهي عضد الدولة الى زيارة المرقد الشريف سنة 370 بعد دحره للأتراك في معركة "واسط" الشهيرة (1).
وفي القرن الرابع الهجري شهدت هذه البقعة المباركة حملات إعمار وبناء من قبل الموالين، واستمرت على هذا المنوال طيلة القرون 5 و6 و7 أي في عهدي الديالمة والأتابكة، حيث وصفت المدينة من قبل الرحالة إبن بطوطة في مدوناته لسنة 768 هـ بأنها "مدينة في غاية الرخاء والتطور".
المصدر
(1) دليل كربلاء – قراءة في الجغرافية التاريخية لمدينة كربلاء المقدسة: لمؤلفه عماد الدين حسين أصفهاني، ص 152.