تمتلك مدينة كربلاء المقدسة تاريخاً موغلاً في القدم ، وهي حاضرة دينية وثقافية وإنسانية عريقة منذ العصور الغابرة وذاك ما ذكره الإمام الصادق "عليه السلام" في حديث له بالقول "أربعة بقاع من الأرض ضجت إلى الله تعالى من الطوفان، فرحمها الله تعالى وأنجاها من الغرق وهي البيت المعمور، والغري وكربلاء وطوس".
ومن آيات المكانة التي كانت تحتلها هذه البقعة المقدسة قبل الإسلام هي كونها جسراً للهجرات السامية العربية بين بلاد الشام والجزيرة العربية، نظراً لما تمتلكه من مناطق زراعية شاسعة وموقع جغرافي مهم يربط بين هضبة العراق الغربية وطرق القوافل التجارية وبين باقي مناطق أرض السواد، في الوقت الذي زاد من أهميتها الإستراتيجية هو وقوعها بين مدينتين عظيمتين هما الحيرة وعين التمر واللتان أسهمتا في إكسابها نصيباً وافراً من المدنية (1).
ومما حظيت به كربلاء أيضاً خلال تلك العصور هو القدسية الدينية الكبيرة نظراً لاحتضانها أقواماً من مختلف الأديان والطوائف، وهو ما ظهر جلياً من خلال التنقيبات المنجزة في بعض مناطق المدينة والتي كشفت عن إحتوائها على العديد من الكنائس والمعابد والمقابر.
المصدر:
(1) موسوعة كربلاء الحضارية: سلسلة منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ج1، ص230