يواصل كتاب "مدينة الحسين" الصادر عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، نشر بعضٍ من أحوال مدينة سيد الشهداء "عليه السلام" خلال عهد المتوكل العباسي وما جرى على قبر الإمام الحسين على يد جلاوزة هذا الطاغية آنذاك.
وكان من بين ما تضمنّه الكتاب عن تلك الفترة، هو حديثه عن شخصية "زيد المجنون" الذي وصفه بأنه "كان عالماً فاضلاً أديباً يقطن أرض مصر، فيما لُقِّب بـ (المجنون) لأنه كان يفحم كل لبيب، ويقطع حجة كل مدعٍ".
وقال مؤلف الكتاب "محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة" إنه "لدى سماع زيد بأن المتوكل أمر بحرث قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، وهدم بنائه، وإخفاء أثاره، وأن يجار عليه الماء من نهر العلقمي، بحيث لا يبقى له أثر، مع وعيد للناس بالقتل ان زاروه، عظم ذلك عليه وحزن كثيراً وتجدد عليه مصابه بسيده الإمام المعصوم، وهو بعيد عنه، فشق عليه البعد فآلى في نفسه إلا أن يزوره".
ويضيف "آل طعمة" أنه "خرج من مصر ماشياً على قدميه هائماً على وجهه شاكياً وجده الى ربه، وبقي حزيناً يطوي البراري والقفار حتى قدم الكوفة في سنة (237هـ)، فالتقى ببهلول العالم، وإتفقا سوياً على زيارة قبر الإمام
الحسين (عليه السلام) في كربلاء، فأخذ كل منهما بيد صاحبه، وخرجا من الكوفة حتى وصلا الى كربلاء، وإذا بهما يشاهدان القبر على حاله لم يتغير، وكل ما في الأمر أنه قد هدم بنيانه، وأجرى عليه الماء، لكن الماء قد غار وحار واستدار، ولم تصل قطرة واحدة الى القبر الشريف".
ويذكر المصدر أنه "لما شاهد زيد هذه المعجزة، نظر الى البهلول وتلا قول الله تعالى (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) ثم أنشد أبياتاً نسبت الى الشاعر على بن أحمد بن منصور المعروف بـ "البسامي" جاء فيها:
تالله إذ كانت بني امية قد أتت قتل إبن بنت نبيها مظلوما
فلقـد أتـاه بنـو أبـيـه بـمـثـلـهـا هذا لعمرك قبره مهدومــا
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا في قـتـله فتتبعـوه رميـمـا
المصدر: - محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة، "مدينة الحسين – مختصر تاريخ كربلاء"، الجزء الثاني، أحد منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2016، ص 143.