8:10:45
مركز كربلاء للدراسات والبحوث يقيم ندوة حوارية تحت عنوان "أثر العمل في تعزيز الوعي المجتمعي ومكافحة الأفكار المتطرفة" "ملكنا فكان العفو منا سجيةً"... ديوان "حيص بيص" في مكتبة مركز كربلاء دعوة ... الندوة العلمية الإلكترونية الموسومة:  (المباهلة والأسرة المؤمنة: وحدة الموقف في زمن التحدي) عبر ندوة إلكترونية متخصصة... مركز كربلاء يسلّط الضوء على إعجاز الإمام علي "عليه السلام" في فن الإدارة والقيادة مركز كربلاء للدراسات والبحوث يصدر كتاباً يوثق الذاكرة المحلية للحمّامات الشعبية في المدينة تناس مساوئ الإخوان تستدم ودّهم ... محمد جواد الدمستاني بين فيضانات الشرق وجفاف الغرب... جدلية الطبيعة في قلب كربلاء المقدسة في ندوة علمية متخصصة... مركز كربلاء يفتح ملف أزمة المياه على طاولة البحث والنقاش فقيه العراق وإمام إيران... الرحلة العلمية للشيخ البهبهاني بين كربلاء والكاظمية وكرمانشاه من "كفن نويس" إلى إنارة الروضة الحسينية... حكاية أسرة خدمت الحرم والتاريخ مكتبة مركز كربلاء للدراسات والبحوث تحتضن نسخة أصلية من كتابٍ هندسي بارز يعود لعام 1956 الغطاء النباتي في كربلاء... بين قسوة المناخ وسحر التوازن البيئي دعوة  انفوكرافيك من معالم مدينة كربلاء بين دفّتي (1400) صفحة من علوم الطب... "المرجع في الأمراض الجلدية" في مكتبة مركز كربلاء من قلب كربلاء إلى ضمير العالم... شهادات عن زيارة الأربعين في إصدار جديد لمركز كربلاء تهنئة..... عيد الغدير الاغر ليس العجب ممن نجا كيف نجا، و أمّا العجب ممّن هلك كيف هلك ... محمد جواد الدمستاني دعوة حراس الرسالة... من غار حراء إلى صحراء كربلاء
اخبار عامة / أقلام الباحثين
04:10 PM | 2025-04-26 220
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

الحاجة إلى اصطناع المعروف و آدابه و قواعده ... محمد جواد الدمستاني

الحاجة إلى اصطناع المعروف و آدابه و قواعده

«أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه لأنّ لهم أجره و فخره و ذكره»

محمد جواد الدمستاني

 

يروى عن الإمام الجواد عليه السلام قوله «أَهْلُ الْمَعْرُوفِ إِلَى اصْطِنَاعِهِ أَحْوَجُ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، لِأَنَّ لَهُمْ أَجْرَهُ وَفَخْرَهُ وَذِكْرَهُ، فَمَهْمَا اصْطَنَعَ الرَّجُلُ مِنْ مَعْرُوفٍ فَإِنَّمَا يَبْدَأُ فِيهِ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّ شُكْرَ مَا صَنَعَ إِلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِهِ»،  عوالم العلوم، ج23، ص275، و الرواية عن الإمام الجواد عن جده أمير المؤمنين عليه السلام.

 

و المعروف هو الصنيعة التي يسديها المرء إِلى غيره، من جميل، أو إحسان، أو صدقة، أو مساعدة، أو عطاء أو غيره.

و أهل المعروف أو صاحب المعروف هو المعطي أو المحسن و المتصدق أو الذي يقوم بالإحسان و العطاء.

و أهل الحاجة أو صاحب الحاجة هو المحسن إليه أو المتصدق عليه، و من تُسدى و تُمنح إليه الصنيعة.

   

و المعنى إنّ الإنسان المحسن أو المعطي الذي يحسن للغير أو الذي يتصدق على الغير هو أحوج إلى إعطاء الفقير، من أخذ الفقير هذه الحاجة، و بالتالي إذا قصدك أحد لحاجة ما فتذكر أنّك أنت الأحوج من صاحب الحاجة لهذه الحاجة أو هذه الصدقة أو الاحسان، لأنك إذا أعطيته فإنك تنفع نفسك ابتداء، و أنت المستفيد أولا، لأن لك الأجر  و الفخر و الذكر الحسن.

أجر و ثواب و جزاء هذا الاحسان من الله سبحانه إلى صاحب المعروف، و هو ذخيرة مخزونة في صحيفته و في حكمة أمير المؤمنين (ع) «اَلْمَعْرُوفُ ذَخِيرَةُ اَلْأَبَدِ»، غرر الحكم،ص54.

و الفخر و الافتخار و الاعتزاز بسبب هذا الإحسان ينسب إلى صاحب المعروف.

و الذكر الحسن و المدح و الإشادة و التمجيد بسبب هذا الاحسان إلى صاحب يتوجه إلى صاحب المعروف و الإحسان.

 

وقد يسري الذكر الحسن و الثناء الجميل إلى أولاد المحسن و صاحب المعروف و ذريته جيل بعد جيل، و كذا الفخر و الاعتزاز لأبناء و أحفاد المحسن خاصة مع عظيم الصنيعة و المعروف.

فالمعروف كنز و ذخيرة لصاحبه في الآخرة و الدّنيا، روي عن أمير المؤمنين (ع) قوله: «الْمَعْرُوفُ أَنْمَى زَرْعٍ وَ أَفْضَلُ كَنْزٍ»، غرر الحکم، ص71.

فالذي  يعمل المعروف يعمله لنفسه و هو المستفيد الرابح من المعروف و له النفع الأكبر، فلا يطلب الشكر من غيره ما لنفسه فائدته و منفعته.

 

الأجر والفخر و الذكر الحسن لصاحب المعروف، و صاحب المعروف يكسب رضا الله سبحانه تعالى، و المعروف لها آثار كبيرة في الدّنيا و الآخرة، فهو يقي مصارع السوء، و أول من يدخل الجنّة أهل المعروف، و في الرواية عن النبي صلى الله عليه و آله « صَنَائِعُ اَلْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ اَلسَّوْءِ، وَ اَلصَّدَقَةُ خَفِيّاً تُطْفِئُ غَضَبَ اَلرَّبِّ، وَ صِلَةُ اَلرَّحِمِ زِيَادَةٌ فِي اَلْعُمُرِ، وَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَ أَهْلُ اَلْمَعْرُوفِ فِي اَلدُّنْيَا أَهْلُ اَلْمَعْرُوفِ فِي اَلْآخِرَةِ، وَ أَهْلُ اَلْمُنْكَرِ فِي اَلدُّنْيَا أَهْلُ اَلْمُنْكَرِ فِي اَلْآخِرَةِ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ أَهْلُ اَلْمَعْرُوفِ»، الأمالي (للطوسی)، ص 603.

 

و هذه النظرة الراقية في القيّم و الأخلاق أساسها الإيمان بالله و الآخرة و بعظيم الثواب فيها من الله سبحانه وتعالى، فإذا اعتقد و تيقن و أحسن الإنسان فإنّ الله سبحانه و تعالى يفتح لها أبوابا من الخير، منها ما يشعر به الإنسان و يدركه و منها ما لا يدركه.

 

و المعروف يفتح أبواب الرزق و يوفق لغفران ذنوبه و ذكرت عدد من الروايات عنهم عليهم السلام هذا المعنى ففي الضيافة رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام، قال الراوي: «ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَصْحَابَنَا فَقَالَ: كَيْفَ صَنِيعُكَ بِهِمْ، فَقُلْتُ: وَ اَللَّهِ مَا أَتَغَدَّى وَ لاَ أَتَعَشَّى إِلاَّ وَ مَعِيَ مِنْهُمُ اِثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، فَقَالَ: فَضْلُهُمْ عَلَيْكَ - يَا أَبَا مُحَمَّدٍ - أَكْثَرُ مِنْ فَضْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ كَيْفَ ذَلِكَ، وَ أَنَا أُطْعِمُهُمْ طَعَامِي، وَ أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مَالِي، وَ أُخْدِمُهُمْ خَادِمِي، فَقَالَ: إِذَا دَخَلُوا دَخَلُوا بِالرِّزْقِ اَلْكَثِيرِ، وَ إِذَا خَرَجُوا خَرَجُوا بِالْمَغْفِرَةِ لَكَ»، الأمالي (للطوسی)، ص 237.

 

و عن الإمام الصادق عليه السلام:

قال الراوي: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، اَلْأَخُ لِي أَدْخُلُهُ مَنْزِلِي فَأُطْعِمُهُ طَعَامِي، وَ أَخْدُمُهُ بِنَفْسِي، وَ يَخْدُمُهُ أَهْلِي وَ خَادِمِي، أَيُّنَا أَعْظَمُ مِنَّةً عَلَى صَاحِبِهِ؟ قَالَ هُوَ عَلَيْكَ أَعْظَمُ مِنَّةً، قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أُدْخِلُهُ مَنْزِلِي وَ أُطْعِمُهُ طَعَامِي وَ أَخْدُمُهُ بِنَفْسِي وَ يَخْدُمُهُ أَهْلِي وَ خَادِمِي وَ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنَّةً عَلَيَّ مِنِّي عَلَيْهِ! قَالَ نَعَمْ لِأَنَّهُ يَسُوقُ إِلَيْكَ اَلرِّزْقَ وَ يَحْمِلُ عَنْكَ اَلذُّنُوبَ»، المحاسن، ج2، ص390.

 

و في الروايات عنهم عليهم السلام آداب و قواعد للإحسان و المعروف، و منها:

اصطناع و عمل المعروف إلى مطلق النّاس ممن يستحقون و ممّا لا يستحقون، و في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: «اِصْطَنِعِ اَلْخَيْرَ إِلَى مَنْ هُوَ أَهْلُهُ وَ إِلَى مَنْ هُوَ غَيْرُ أَهْلِهِ، فَإِنْ لَمْ تُصِبْ مَنْ هُوَ أَهْلُهُ فَأَنْتَ أَهْلُهُ»، عيون الأخبار،ج2،ص35.

 

و منها اصطناع المعروف و إن كان قليلا مع الاستطاعة، فالمعروف و الإحسان ليس مختصا بالأغنياء في المال مثلا، و إنّ آثاره عظيمة و إن قلّ، ففي الرواية عن الإمام الصادق (ع) عن أمير المؤمنين (ع) قال: «اِصْطَنِعُوا اَلْمَعْرُوفَ بِمَا قَدَرْتُمْ عَلَى اِصْطِنَاعِهِ فَإِنَّهُ يَقِي مَصَارِعَ اَلسَّوْءِ»، الخصال، ج2، ص610.

و عن الإمام الصادق (ع) عن أمير المؤمنين (ع)، قال: «لاَ تَسْتَصْغِرْ شَيْئاً مِنَ اَلْمَعْرُوفِ قَدَرْتَ عَلَى اِصْطِنَاعِهِ إِيثَاراً لِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ فَإِنَّ اَلْيَسِيرَ فِي حَالِ اَلْحَاجَةِ إِلَيْهِ أَنْفَعُ لِأَهْلِهِ مِنْ ذَلِكَ اَلْكَثِيرِ فِي حَالِ اَلْغَنَاءِ عَنْهُ وَ اِعْمَلْ لِكُلِّ يَوْمٍ بِمَا فِيهِ تَرْشُدْ». الأشعثیات، ص233.

 

و منها عدم الأذى و المنّ عند اصطناع المعروف من إنفاق و تصدق لأهل الحاجة و أنّ الكلام الحسن لأهل الحاجة و الصفح عن أذاهم إن صدر أفضل من الصدقة يتبعها أذى، قال تعالى: «قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ»، سورة البقرة:263، و المنّ و تعداد الفضل و الإحسان يفسد و يبطل المعروف كما روي عن أمير المؤمنين (ع) «مَنْ مَنَّ بِمَعْرُوفِهِ أَفْسَدَهُ»، من لا یحضره الفقیه، ج4، ص384.

 

و منها عمل المعروف دون انتظار شكر أو ثناء من أهل المعروف أو الحاجة أو من غيرهم، و لا يغيّر من نية المحسن و أهل المعروف من لا يشكرهم على معروفهم، و روي عن (ع) قوله «لَا يُزَهِّدَنَّكَ فِي الْمَعْرُوفِ مَنْ لَا يَشْكُرُهُ لَكَ فَقَدْ يَشْكُرُكَ عَلَيْهِ مَنْ لَا يَسْتَمْتِعُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْهُ، وَ قَدْ تُدْرِكُ مِنْ شُكْرِ الشَّاكِرِ أَكْثَرَ مِمَّا أَضَاعَ الْكَافِرُ، وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، نهج البلاغة، حكمة 204.

 

و منها الشروع ابتداء في الصدقة مع علمك لأهل الحاجة مع استطاعتك دون سؤاله أو سؤالهم لك، و اغتنم تلك اللحظة في إعطائه و أكثر فإنّه زاد ستوافيه في آخرتك، و من وصية أمير المؤمنين (ع) لابنه الإمام الحسن (ع) قال: «وَ إِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيُوَافِيكَ بِهِ غَداً حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَاغْتَنِمْهُ وَ حَمِّلْهُ إِيَّاهُ وَ أَكْثِرْ مِنْ تَزْوِيدِهِ وَ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلَا تَجِدُهُ»، نهج البلاغة، وصية 31، و كان الإمام زين العابدين (ع) «إِذَا أَتَاهُ اَلسَّائِلُ يَقُولُ مَرْحَباً بِمَنْ يَحْمِلُ لِي زَادِي إِلَى اَلْآخِرَةِ»، كشف الغمة، ج2، ص76.

 

و منها إنّ عمل المعروف توفيق و سعادة لا تتوفر لكثير من النّاس، و يحتاج إلى نية و عزم و قدرة إلى حصوله، و روي عن الإمام الصادق (ع) «وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَصْنَعَ اَلْمَعْرُوفَ إِلَى اَلنَّاسِ يَصْنَعُهُ، وَ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَ لاَ كُلُّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يُؤْذَنُ لَهُ فِيهِ، فَإِذَا اِجْتَمَعَتِ اَلرَّغْبَةُ وَ اَلْقُدْرَةُ وَ اَلْإِذْنُ فَهُنَالِكَ تَمَّتِ اَلسَّعَادَةُ لِلطَّالِبِ وَ اَلْمَطْلُوبِ إِلَيْهِ»، الکافي، ج4، ص 26، الأمالي (للطوسی)، ص 479.

 

و من آداب عمل المعروف تعجيله و ستره و تصغيره بل في رواية الإمام الصادق (ع) أنّه لا يتم إلا بهذه الخصال، قال (ع): «إِنِّي رَأَيْتُ اَلْمَعْرُوفَ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِثَلاَثٍ: تَعْجِيلِهِ، وَ سَتْرِهِ، وَ تَصْغِيرِهِ، فَإِنَّكَ إِذَا عَجَّلْتَهُ هَنَّأْتَهُ، وَ إِذَا سَتَرْتَهُ أَتْمَمْتَهُ، وَ إِذَا صَغَّرْتَهُ عَظُمَ عِنْدَ مَنْ تُسْدِيهِ إِلَيْهِ»، الأمالي (للطوسی)، ص 479. و في حكم نهج البلاغة، «لَا يَسْتَقِيمُ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلَّا بِثَلَاثٍ بِاسْتِصْغَارِهَا لِتَعْظُمَ وَ بِاسْتِكْتَامِهَا لِتَظْهَرَ وَ بِتَعْجِيلِهَا لِتَهْنُؤَ»، حكمة 101.

 

و في الصلوات الواردة في كلّ يوم من شهر شعبان و في ليلة النصف منه، «اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ اُعْمُرْ قَلْبِي بِطَاعَتِكَ، وَ لاَ تُخْزِهِ بِمَعْصِيَتِكَ، وَ اُرْزُقْنِي مُوَاسَاةَ مَنْ قَتَّرْتَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ مِمَّا وَسَّعْتَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ»، مصباح المتهجد، ص 361.

Facebook Facebook Twitter Whatsapp