بقلم حسن كاظم الفتال
وبما أن إدارة العتبة عوّدت الجميع على السبق بالمبادرات، نجد أنها قررت أن تجند كل الطاقات وتحشد كل إمكاناتها وتستثمر كل قدراتها وملاكاتها لولوج كل الميادين الخدمية الإصلاحية بهدوء تام وبكل ما تملك من قدرة وأدوات وآليات ومنهجية وخطط استراتيجية مدروسة في العمل، ولم تدع مفصلاً من مفاصل الخدمة إلا وهرعت لإدراجه في قائمة إنجازاتها سواء في الإعمار للمناطق الحيوية وتوفير خدمات نموذجية في المجالات الدينية العقائدية والتنموية وإنشاء وحدات إيوائية وترفيهية ومنشآت صحية وتربوية ثقافية ومشافٍ ومراكز ومفارز طبية ومزارع مما ينمي الواقع الزراعي حتى لم تغفل عن توفير وسائط للنقل لتسهيل تنقل المواطن من مكان إلى آخر، أو إنشاء محطات تصفية مياه عذبة منقاة مجانية. كل ذلك دون أي مقابل إلا رضا الله ورضا الإمام الحسين "صلوات الله عليه" والبرهان على الخلوص والصدق بالتواني في خدمة الإمام الحسين "صلوات الله عليه" وخدمة مدينته المقدسة ووفّادِها.
ليس إحصاء المشاريع علينا بيسير
مثلما لا يسعنا المقارنة بين الزمن الماضي السحيق الذي عشناه في زمن اللا نظام المباد والحرمان من ابسط مقومات الحياة الحرة الكريمة وبين غيره، كذلك لعله لا يسعني ولا يسع أحداً غيري إحصاءُ المشاريع النموذجية التي نفذتها إدارة العتبات، إنما يسعني القول إن ما قُدِّم يتعذر على أية جهة أن تضاهي به بما يشابهه من مشاريع سواها منذ زمن بعيد في مختلف المفاصل مما ذكرت سلفاً، وإن الشواهد والدلائل كثيرة جداً ومصداقها إعتراف وإقرار وشهادات منظمات وأفراد وجهات ومؤسسات مختلفة الإتجاهات والتوجهات أشادت غاية الإشادة ومنها ما قرر أن يستعين بخبرات إدارة العتبة ويسترشد بها ليحظى بكل ما هو مميز ولعل هذا الإستنتاج يمنح إدارة العتبة الحق بكل اطمئنان أن تتصدر قائمة القائمين على الإعمار وتنفيذ المشاريع النموذجية. وأنا لست بصدد تعداد المشاريع العملاقة التي أنجزتها العتبة الحسينية، إنما ما يوشي بالخبر اليقين لدى الجميع إن العتبة لم تدع باباً بوسعها أن تطرقه لتخفف الوطء على المواطنين لتقديم الخدمة النموذجية، إلا وطرقته ولم تترك حقلاً يتيح لها العمل ويوفر لها حرية تامة للتحرك إلا وولجته بإرادة قوية صادقة وأنجزته أفضل إنجاز وعلى أتم وجه، كل ذلك من أجل رفع الأعباء عن كاهل المواطن الذي أثقله وأنهكه الإهمال وآلت عن نفسها أن تسدّ الكثير من الإحتياجات وتلبي الكثير من الرغبات وتغلق معظم أبواب النقص التي شرعت على مصاريعها في عصرنا هذا ليعاني منها المواطن، لذا نلاحظ إن منتسبيها المكلفين بإنجاز أي مشروع خدمي أو غيره كلما أنجزوا مشروعاً نموذجياً إزدادوا إحساساً بالراحة والسعادة والفخر .
تسخير الإمكانات وانتقاء المنفذين
لعل ما يكمن في سر نجاح إدارة العتبة في إنشاء وإنجاز المشاريع بما يُبهر، بأنها سخرت كل إمكاناتها لخدمة المدينة ومواطنيها وزائريها بكل صدق وإخلاص دون أن ترجو أي مقابل وحتى دون إعلان أحياناً، إذ أن معظم مشاريعها تنجزها ولا تعلن عن إنجازها، وإن السر الآخر الذي يعضد السر الأول في النجاح هو دقة إنتقاء الكوادر التي يتم تعيينُها لتنفيذ المشاريع المتنوعة في طبيعة إنموذجيتها وهيكليتها وتكويناتها، فإن الإدارة تتأنى كثيراً وتعتمد معايير كثيرة ودقيقة في إنتقاء الكوادر المناسبة لكل مشروع، لذا نجد إن من يكلف من قبل إدارة العتبة بالعمل من المسؤولين أو المنتسبين سرعان ما يتخلى عن كل المميزات والسمات الوظيفية ويجند نفسه للعمل التطوعي وإستثمار كل خبراته وطاقاته ومهاراته وقدراته للعمل وبأقصى جهد، والأمر الأهم إنه لا يمارس العمل كموظف مكلف بعمل إنما كفرد موالٍ ينتمي روحياً وضمائرياً وعقائدياً ومشاعرَ لهذه المدينة المقدسة ولسيدها ومُقدِسِها ومُشَرِفِها سيد الشهداء الإمام الحسين "صلوات الله عليه" فنجده سرعان ما يترك التعامل بصفته الإدارية أو درجته الوظيفية كمنصب أو شهادته الأكاديمية التي أتاحت له العمل وينزع عن ذهنه حساب التوقيت الزمني للعمل ويتخذ من نفسه خادماً صغيراً يذوبه الشوق للمنافسة في تقديم ما هو أفضل بتفاعله التام مع العمل، وأكرر القول أنه يصعب علينا إحصاءُ ما قامت بإنجازه إدارة العتبة الحسينية، حيث أن ما قدمته ليس فقط مما نال إعجاب القاصي والداني إنما يدعو للتوقف عنده بذهول أحياناً، إذ أن كل المشاريع لم تكن تحرز مرتبة النجاح بامتياز فحسب، بل إنما فاقت الوصف وسجلت سبقاً ودرجات قياسية في الإمتياز مما دعا لأن يكون المواطنون بكل شرائحهم وفئاتهم وطبقاتهم يطالبون وبإصرار على أن يناط إنجاز المشاريع الإعمارية المهمة في المدينة إلى إدارة العتبة وأن تتكلف هي بإنجازها وهذا ما تم إعلانه والمطالبة به إما من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، أو من خلال وسائل الإعلام المختلفة، أو حتى بشكل مباشر من خلال لقاءات بعض المواطنين بسماحة المتولي الشرعي للعتبة الحسينية، والطلب بإلحاح بل بتوسل لأن تتكلف إدارة العتبة تنفيذ وإنجاز بعض المشاريع التي تخصّ المدينة المقدسة وتسدّ ما بها من نقص وإظهارها بأجمل حلة تليق بها وبأهلها، ولعل ذلك شرف عظيم ما بعده شرف يتمناه كل موالٍ صادقٍ لسيد الشهداء الإمام الحسين "عليه السلام" حريصٍ على إظهار مدينته بما يليق بها...
وفق الله الجميع لكل ما فيه الخير والصلاح وتقبل الله من كل من سعى لأن يقدم أي إنجاز لمدينة سيد الشهداء الإمام الحسين "صلوات الله عليه"، وإن صفحات سجل التأريخ هي الوحيدة التي تدوّن الإنجاز بكل نزاهة وصدق دون ميلٍ لمحسوبية ومنسوبية ودون أي تمايز إلا لما هو أفضل ويستحق التدوين، اللهم اشهد أني لم ابغِ من ذلك إلا التذكير بقولة الحق والله من وراء القصد... (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) ـ يونس / 105
المصدر: http://non14.net/public/130522