بقلم (كاظم عوفي البديري)
بدأت الجموع الزاحفة نحو كربلاء الطف بتجديد البيعة والولاء لسيد الشهداء سبط الرسول الكريم "صلوات الله عليهما" وأبو الاحرار وقائد الفرسان الميامين على قلة عددهم، لمواجهة جحافل جيوش الكفر بقيادة إبن زياد، فقد وقفوا وقفةً إسطورية، يتحدون فقرروا وصمدوا وضحّوا جميعاً متسابقين لنيل الشهادة وانتصروا كونهم يحملون عقيدة، ولا زالت الجموع كل سنة تتزايد وتتسابق للوصول الى الأضرحة الشريفة، وإستبسلوا بمواجهة باطل الكفر كله٠
فمنذ (1376) سنة، وجموع الزائرين والمعزّين يجددون المسير جيلاً بعد جيل، وفي كل عام تأتي الزحوف لتجدد البيعة والعهد، أفواج تتبعها أفواج تمتد على طول الطريق من الفاو الى كربلاء تلك هي جموع الزاحفين، تغذي السير وهي قادمة من جميع أقاصي الدنيا، ومن جميع القارات تنادي "لبيك يا حسين" وقد إنتظم الطريق وإشتد الزحام وفتحت المدن أبواب دورها ومرافقها لإستقبال الزائرين ونصبت السرادقات على طول الطريق وأقيمت مراكز العلاج الصحية ووفّرت المواد الغذائية، كل ذلك من اجل التقرّب لوجه الله ولآل بيت النبوة "عليهم السلام".
إذن فالحسين لم يكن شخص كما أجمع الكثير وإنما يعتبر الحسين قضية ارتبطت بالعدالة الانسانية وضد الظلم وبالحرية والتحرر، ولذلك يعتبر الكثير ان تضحية الحسين واصحابه في كربلاء لم تكن من اجل طائفة او مذهب او دين، وإنما استشهد ابو عبد الله من أجل قيم تهم جميع الأديان وترتبط بمعتقداتها التي تنشد الخير للبشر، ومن أجل حرية الإنسان، فلك المجد يا أبا عبد الله وللشهداء المضحين من حولك، ولكل الفقراء والمساكين والمستضعفين أولئك المطالبين بحياة كريمة، فلتتجه القلوب الى الله والى كربلاء الشهادة، ولتفتح جميع الدور والمدن والقرى والقصبات ولتقدم كل ما تجود به الأنفس وكل ما يمكن من مواد غذائية وماء ومأوى ودواء من أجل تعظيم ذكرى واقعة الطف، وشعبنا بحاجة ماسة لها لتقوية العزائم ومواجهة الاخطار المحدقة، ويا ليتنا كنا معكم لنفوز بالزيارة وإلتماس طلب الرحمة والغفران ورفع البلاء عن الأمة، ومن أجل حياة كريمة وإستتباب الأمن.