بقلم/ محمد طهمازي
لا يفوتنا الانتباه لحقيقة أن استخدام كلمة "طف" مضافة لكلمة "كربلاء" في كثير من الأحيان فيقولون "طف كربلاء" أي بإلحاق كلمة طف بكلمة "كربلاء" بمعنى تبعية الطف وهو (الشاطئ) للمكان الرئيسي المسمى "كربلاء" وإن كانت المعركة أو الواقعة سميت باسم "الطف" لأسباب تتجاوز الحالة المكانية العامة للحدث.
إن ارتباط اسم المعركة بالطف (معركة الطف أو واقعة الطف) كونها جرت عند شاطئ الفرات أي طف الفرات وهنا يأتي بروز اسم الطف بدل الفرات وكربلاء أو طف كربلاء وطف الفرات وذلك بحكم جغرافية المعركة وأقصد الجغرافيا المحدودة والمحدّدة للمعركة وليس الجغرافيا المكانية الأوسع للمنطقة التي جرت أحداث المعركة ضمن نطاقها.
خذ مثلًا معركة النورماندي حيث شهدت أكبر عملية غزو أو إنزال بحري في التاريخ، وكانت نقطة انطلاق عملية تحرير مناطق شمال غرب أوروبا التي احتلتها ألمانيا النازية، وقد ساهم نجاح هذه المعركة في انتصار الحلفاء على الجبهة الغربية.. وساحل النورماندي يقع شمال غرب فرنسا وسميت العملية أو المعركة باسم هذا الساحل أو الشاطئ. ولنرجع أكثر في التاريخ لمعركة جرت في العراق عند جسر يعبر الفرات من منطقة في شمال الحيرة تسمى "قِسّ النَّاطِف" فيطلق عليها معركة الجسر بدل اسم المنطقة لخصوصية في هذه التسمية كون الجسر يرتبط بمعان أقرب لجو المعركة وشحنها العاطفي أو أحداثها الدرامية التي حصلت بين الجيش الساساني الكبير المعزّز بالفيلة وأسباب هزيمة جيش المسلمين في حينها وكان أهمها عبورهم هذا الجسر وارتكابهم للخطأ العسكري المدمر الذي أوقعهم في الهزيمة وأوقع فيهم الخسائر الفادحة وكان أكبرها فقدهم لقادة الجيش.. إن حال التسمية في المثالين السابقين هو ذات الحال مع معركة الطف حيث طف الفرات أو شاطئ الفرات ارتبط بالصراع على الماء الذي جهد الجيش الأموي على حرمان الحسين وأهله وأصحابه من الوصول إليه وفق أوامر من قيادتهم ليموتوا عطشًا في تكرار من يزيد وقادته لفعل معاوية وقادته في حربهم ضد الإمام علي وكلنا يعرف قصة العباس بن علي ومحاولته جلب الماء للأطفال وما جرى له من أحداث تراجيدية وتضحيته بذراعيه وعينه للحفاظ على قربة الماء حتى يوصلها لأطفال مخيم الإمام الحسين وكانت شهادته وتمزق قربة الماء بالسهام التي اخترقت جسده. أحداث من البطولة المختلطة بالمأساة كانت وما تزال من المحركات الرئيسة لملحمة كربلاء في وجدان الناس.
يتبع ..