قدمت المرجعية الدينية العليا،اليوم الجمعة،مجموعة توصيات للقوات الامنية المقاتلة ضد داعش،داعية الاطباء الى التوجه للجبهات ومعالجة الجرحى هناك فيما بينت المرجعية الدينية العليا مقومات المواطنة الصالحة واهتمام الاسلام بها
وقال ممثل المرجعية في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بتاريخ 2/ذي الحجة/1438هـ الموافق 25/8/2017م ما نصه يحقق المقاتلون الابطال الذين يخوضون معركة تحرير تلعفر انتصارات ميدانية رائعة في مهنيتها وكفاءتها اثلجت قلوب العراقيين وأكدت على ما يتصف به هؤلاء الرجال الكرام من خصال عظيمة – فعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة اعوام من القتال الضاري في مختلف الجبهات فما زالوا على ما كانوا عليه منذ اليوم الاول من الصلابة والثبات والاقدام والشجاعة والجرأة والتفاني في حب الوطن والتضحية في سبيل عزته وكرامته ومقدساته، فهنيئاً للعراقيين بهؤلاء الابطال من ابنائهم ضمانة الحاضر والمستقبل ومبعث الفخر والاعتزاز على مرّ التاريخ.
واشادت المرجعية العليا بتضحيات المقاتلين الابطال وباركت انتصاراتهم وترحمت على شهدائهم ودعت لجرحاهم بالشفاء والعافية واوصت بما يلي :
-1الحذر من العدو الداعشي وعدم الاطمئنان الى الوضع النفسي المنهار لبعض مجاميعه والحرص على التقدم وفق الخطط العسكرية المدروسة مع التوكل على الله تعالى والثقة بتأييده ونصره والدعاء اليه عزوجل بالتسديد والحفظ والامداد بالعون والقوة.
-2 الحفاظ على حياة المدنيين العالقين داخل الاحياء السكنية والحرص البالغ على تجنيبهم الاذى مع الحذر الشديد من مكائد العدو باتخاذ هؤلاء الابرياء دروعاً بشرية واستنفاذ كل الوسائل التي يمكن من خلالها تخليصهم مما هم فيه في أقرب وقت ممكن وتوفير المأوى وسائر الاحتياجات الضرورية لهم.
-3ادامة التنسيق العالي بين مختلف صنوف القوات المشاركة في القتال والتعاون التام بينها الذي كان من ثماره الواضحة ما حصل من تقدم سريع في تحقيق الاهداف المرسومة وتحرير احياء من مدينة تلعفر خلال ايام قليلة جداً-
ودعت المرجعية العاملين في الحقل الطبي من الاطباء والكوادر الوسطية في مختلف المحافظات الى ان يتوجهوا بأعداد كافية الى مناطق القتال للقيام بإسعاف الجرحى وعلاجهم بأفضل ما يتيسر لهم من ذلك، فإن هذا بالاضافة الى كونه مهمة انسانية عظيمة مما له دور مهم في ادامة العمليات العسكرية وتسهيل الامر على القطعات المقاتلة وبالتالي فانه مسؤولية وطنية وواجب ديني واخلاقي لابد من القيام به كل حسب ما يتمكن منه-
من جانب اخر بينت المرجعية الدينية العليا مقومات المواطنة الصالحة وبناء شخصية المواطن الصالح؟ وما هو معنى المواطن الصالح وما هي الاسس التي نحتاج اليها لذلك؟
وقال الشيخ الكربلائي خلال خطبته من الصحن الحسيني الشريف وحضرتها وكالة نون الخبرية ان كل شعب من الشعوب ومن جملة هذه الشعوب الشعب العراقي، اذا اراد ان يحقق لنفسه العدالة والامن والاستقرار والازدهار والتماسك الاجتماعي والرخاء الاقتصادي والمعيشي وان يكون لها العزة والاستقلالية والاحترام لدى الاخرين فلابد له من العمل على تنشئة ابنائه وتربيتهم على اسس معينة يجعل منهم مواطنين صالحين مخلصين لوطنهم وامتهم مضحين في سبيل اهدافها ومصالحها ومثلها وقيمها ويتعايشون فيما بينهم بسعادة وامن ورخاء.
وتسائل ممثل المرجعية هل ان الاسلام اهتم بمسألة الوطن وحب الوطن والدفاع عنه وحمايته وتحقيق العزة والكرامة والاستقلالية والاحترام له من قبل الاخرين ام انه لم يهتم بهذا الأمر ؟!
وبين الشيخ عبد المهدي الكربلائي اذا تتبعنا النصوص التي وردت نجد هناك اهتماماً من خلال الروايات مما يدل على ان الاسلام اولى اهتماماً كبيراً واساسياً للوطن وحبه والدفاع والتضحية من اجل عزته وكرامته وكيف يتعامل المواطن مع غيره ممن يشاركه في الدين او يشاركه في الانتماء للوطن مما يساهم في خلق اجواء صالحة لبناء مجد الامة وعزتها وكرامتها وايضاً رخاءها واستقرارها وازدهارها..
نذكر هنا بعض الروايات التي وردت: (حب الوطن من الايمان)، (عُمرّت البلدان بحب الاوطان).
وبين ان التعمير للبلد الوصول لحالة الاستقرار والتطور والخدمة انما يأتي من خلال مبدأ وهو حب الوطن.. ونجد من خلال مجموعة من الروايات ان الاسلام اولى اهتماماً اساسياً وكبيراً بهذه المسألة..
واضاف الشيخ الكربلائي اود ان اوضّح نقطة مهمة لسنا هنا بصدد بيان واجبات الدولة تجاه المواطنين واداء حقوقهم.. هل ان هذا الواجب والحقوق اُديت تجاه المواطنين.. لسنا بصدد الحديث عن هذا الامر.. وانما بصدد كيفية بناء شخصية المواطن الصالح الذي يساهم في البناء والذي يساهم في الخير والنفع للاخرين ويساهم في تحقيق التعايش الاجتماعي السلمي والذي لا يكون ضاراً للاخرين وضاراً لوطنه ويساهم في الدفاع عنه والتضحية من اجله وبناء مجده وعزّته وكرامته..
واوضح اننا نأتي هنا الى بيان مبدأ اساسي كثير ما نذكره وحتى هذا المبدأ ذُكر من اهتمامهم به في بعض المنظمات الدولية فعلينا ان ننتبه لهذا المبدأ ونحاول ترسيخه في النفوس والاهتمام بتوضيحه..هذه الوصية التي وردت عن امير المؤمنين (عليه السلام) الى مالك الاشتر، تبيّن معنى من هم ابناء وطني وتعرفّني من هم ابناء وطني الذي تلزمهم الحقوق لهم عليَّ وتلزمهم الواجبات للجميع، (الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير الدين) هذا مبدأ واضح، بيّنت المواطن اما ان يكون مشترك معي في العقيدة والايمان فيترتب له حقّان: حقوق المواطنة كمواطن وحقوق الاخوة الدينية بموجب اشتراكه معي في الايمان والعقيدة والذي تعرّضت له الكثير من النصوص الشرعية.او يكون نظير لي الخلق أي نظير لي في الانسانية يشترك معي في الاب الواحد وفي اصل الانسانية هذا له حقوق المواطنة وهو الاشتراك الانتمائي الى الوطن الواحد اضافة الى ذلك العمل سوية من اجل الدفاع عن هذا الوطن وحمايته وتحقيق الاهداف في ارساء دعائم العدالة والامن والاستقرار والتطور والازدهار وان نعمل جميعاً من اجل خير هذا الوطن وخير هذا الشعب ودفع الضرر عنه وتحقيق اهدافه.لذلك من خلال هذا المبدأ الذي وضعه امير المؤمنين (عليه السلام) يتضح لنا الدائرة الواسعة لأبناء الوطن الواحد وتعريف المواطن الذي يراد بيان كيفية بنائه البناء الصحيح..
واشار ان هذه النصوص الاسلامية التي وردت في بيان كيفية بناء شخصية المواطن الصالح، كيف نبني شخصية الواحد منّا، أي واحد لا نقصد المواطنين العاديين وانما ابتداءً من اعلى مسؤول في البلد الى ادنى مسؤول وعموم المواطنين.. لا يتصور ان المقومات التي ستذكر معني بها عموم المواطنين فقط.. لا.. وانما معني بها كل انسان حتى وان كان في موقع المسؤولية العليا او اقل منه او في أي مكان في هذا البلد.. يُراد من هذه المقومات كيفية بناء الشخصية لهذا الانسان الذي تتصف فيه مجموعة امور ان يكون مخلصاً لوطنه وشعبه لا يخونه لا يغدر به لا يعمل شيء يضره وان يعمل على خدمته وتحقيق الامن والازدهار والعدالة وان يعمل مع بقية المواطنين في تحقيق هذه الامور ويساهم فيها.. وان لا يصدر منه شيء يضر في مصالح البلد والمواطنين..هذه المساهمة البنّاءة..معنى ذلك كيف يستطيع المواطن في أي موقع كان ان يساهم في بناء وتطوير البلد وان يكون مساهماً في خير هذا البلد وشعبه وان يكون مساهماً في خدمة هذا البلد..
واضاف اما المبدأ الاخر التضحية في سبيل هذا الوطن وهذا الشعب.. لا نقصد هنا ان يبذل المواطن دمه وماله فقط.. بل نقصد هنا المعنى الاوسع وهو ان الانسان كيف يضحي احياناً براحته وماله او منصب او جاه او بامتياز يُعرض عليه.. هو امام خيارين اما ان يحصل على هذه الامور ويفقد صفة الخدمة للوطن، او يضحي بهذه الامور ويقوم بالخدمة..
وتابع احياناً الانسان حتى يستطيع ان يقدّم هذه الخدمة عليه ان يضحي بمال وبمنصب وبموقع وامتياز فهذا هو معنى التضحية الاعم وان كانت التضحية بالدم هي اعلى مراتب التضحية.. ان يكون دوره ايجابياً بناءً لا سلبياً ضاراً بمعنى ان يتحرى كل ما فيه خير ومصلحة بلده وشعبه وان يقدم المصالح العامة على المصلحة الشخصية والمصلحة الضيقة المصلحة الضيقة احياناً مصلحة شخصية او حزبية او مناطقية او طائفية او مذهبية وغير ذلك من هذه المصالح الاضيق من مصالح الوطن والشعب..