قال ممثل المرجعية الدينية العليا الجمعة، ان من الضروري ان نعرف ماذا يجب علينا ان نتعلمه من الحركة الاصلاحية للإمام الحسين عليه السلام في عصرنا هذا وفي جميع العصور، فضلا عن ضرورة ان نعرف كيف نكون حسينيين حقا، وماذا تريد منا كربلاء برمزيها الحسينية، وماذا يجب ان نتعلمه من الحركة الاصلاحية للإمام الحسين عليه السلام لإدامة تلك الحركة.
واضاف الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (14 /9 /2018) ان "اهداف الثورة الحسينية وحركتها الاصلاحية لم تكن مرتبطة بزمانها ومكانها، بل انها مرتبطة بجميع الازمنة والعصور والامكنة، لان التخطيط لها وبيان طبيعة اهدافها وكيفية حصولها لم يكن من البشر بل كان بتخطيط الهي وارادة الهية".
واضاف ان "الله تعالى خطط للثورة الحسينية واهدافها وبين للنبي محمد صلى الله عليه واله طبيعة تلك الاهداف وبدوره بينها النبي للإمام الحسين عليه السلام".
واوضح ان " الله تعالى كأنه يريد ان يقول لنا ولكل من مضى وللذين سيأتون من بعدنا الى يوم القيامة، انكم ستمرون بظروف ربما تشابه الظروف التي مر بها الامام الحسين عليه السلام وانا خططت لهذه الثورة ووضعت اهدافها وبينت كيفية الثورة في زمن الامام الحسين وهو نفذها كما اردت، وانتم ربما ستمرون بحكام ديكتاتوريين ينحرفون عن مبادئ الاسلام ويحكمون بالظلم والجور ويفسدون اوضاع الامة، وربما ستمر الامة الاسلامية بظروف كالظروف التي مرت بها الامة في عهد حكام بني امية الذين ثأر ضدهم الامام الحسين عليه السلام بسبب تغييب المبادئ الاساسية للقضية الاسلامية"، مؤكدا ان "الله تعالى يريد ان تبقى هذه المبادئ حية والضمير حي والاخلاق الاسلامية تبقى حية، كم يريد للحاكمية الاسلامية ان تحكم بما امر به".
وأردف ان "الله تعالى يريد ان يقول لنا أنى سأعطيكم هذا النموذج وهو الامام الحسين وكيف قام بالثورة، وكيف واجه الحكام الظالمين، وصمد وصبر ولم يستسلم لهم، وقام بثورته وحركته الاصلاحية للحاكمية وللامة وان كلفه ذلك التضحيات العظيمة، لذلك اريد ان اجعل هذا المنهاج للحركة الاصلاحية للثورة الحسينية منهاجا لكم تسيرون عليه، واجعل هذا النموذج البشري (الامام الحسين) ان يكون منهاجه وحركته الاصلاحية نبراسا لكم يمتد عبر العصور والامكنة والازمنة الى يوم القيامة".
وبين ان " الله تعالى اراد ان يقول هناك امور ستديم هذه المبادئ وهذه الحركة الاصلاحية ولكن هي بعضها مراسيم للوصول الى الهدف، اُريد منكم مجالس العزاء واقامة الشعائر والبكاء وغير ذلك لأنها وسائل مهمة للوصول الى الهدف، ولكن الهدف النهائي هو الحفاظ على امّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في صلاحها والحفاظ على صلاحية الحاكمية".
وبين الكربلائي ان الله تعالى اراد منا في حال كان هناك حاكمون فاسدون منحرفون عن الخط الصحيح، ان نعمل بما عمل الامام الحسين والسير وفق منهجه.
وكشف ممثل المرجعية الدينية العليا عن المقومات والاسس التي نكون بها حسينيين حقّاً، مبينا ان اولى تلك المقومات يتمثل بالشعور بالمسؤولية الفردية والمجتمعية بكل ابعادها وضرورة الالتزام بمقتضياتها.
ويرى الكربلائي ان من الضروري ان يشعر الجميع بالمسؤولية امام الله تعالى وامام العائلة والمجتمع والدين، مؤكدا على ضرورة الشعور بالمسؤولية وتحقيق الاراد والعزيمة للالتزام بمنهاج الامام الحسين عليه السلام ومبادئه في الحركة الاصلاحية عندما يتعرض الدين للتهديد، او حينما يكون الاسلام في خطر من قبل الحاكمين او حينما ينحرف المجتمع عن مبادئ الاسلام.
ولفت الكربلائي النظر الى ان البعض قد يقول ماذا افعل، وان عائلتي ومجتمعي والمؤسسات لم تربني على الشعور بالمسؤولية حتى اتحرّك وفق ما أراده الامام الحسين (عليه السلام)، مشيرا الى ان الاجابة على المتسائل يكون من خلال الرجوع الى الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي بينت بان الشعور بالمسؤولية أمر فطري اودعه الله في نفس كل شخص، مردفا بانه لا عذر للإنسان يوم القيامة حينما يقول انني ما تربيت على الشعور بالمسؤولية والتحرك.
وبين الكربلائي ان الشعور بالمسؤولية لوحده لا يكفي وان من الضروري ان يترتب على هذا الشعور التحرّك والارادة نحو التغيير والاصلاح.
ودعا ممثل المرجعية الدينية العليا الى ضرورة الالتفات الى ما قاله الامام الحسين عليه السلام حينما ورد الى العراق لينبّه به الامة والمسلمين لمبدأ مهم نقلا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) "من رأى سلطاناً جائراً مستحلا ً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغير بقول او فعل، كان حقيقاً على الله ان يدخله مدخله"، موضحا ان ان الامام عليه السلام اعطى لنا مساحة واسعة للعمل بالتغيير.
وحدد خطيب جمعة كربلاء العوامل المساعدة والمحافظة للشعور بالمسؤولية وهي:
1. الايمان الصحيح والراسخ بالله تعالى وتتمثل في تربية النفس على مبادئ الايمان الصحيحة والراسخة من الحب لله تعالى وتغليبه على حب الدنيا والنفس وحب المال والدنيا وحب العشيرة والمنصب وغير ذلك من هذه الامور الدنيوية، وان يكون الشعور والوعي بسمو وعظمة هدف خلق الانسان، نحنُ لم نُخلق عبثاً ولم نُخلق لأجل اهدافاً تافهة وصغيرة تتعلق بالدنيا بل خُلقنا لأهداف عظيمة وسامية لابد ان نتحرك من اجل تحقيقها.
العلم والمعرفة : ونعني العلم والمعرفة بتفاصيل الكيفية التي ننهض بمبادئ الامام الحسين (عليه السلام) وحركته الاصلاحية، والعلم بتفاصيل بتفاصيل الآلية التي من خلالها تتناسب مع الظرف الزماني والمكاني للحركة الاصلاحية، لاحظوا في كل زمان ومكان الحركة الاصلاحية لها ظروف، تحتاج الى من يعرف بدقّة هذه الظروف وكيف يتحرك وينهض ويستطيع وينجح في تحقيق الأهداف، ليس كل واحد يعرف كيف يتحرك وفق ما يريده الامام الحسين (عليه السلام) ويحقق الأهداف، هناك مجموعة من الاسس التي لابد منها لكي نصل الى تحقيق هذه الاهداف وهي المعرفة بالمحددات الشرعية والقانونية والاجتماعية للحركة الاصلاحية.
2. التحرك للإصلاح ليس كل شيء وفق رؤيتي ومزاجي وتفكيري الشخصي، هناك محددات شرعية وهناك محددات قانونية وهناك محددات اجتماعية لحركة الاصلاح عليَّ أن اعرف هذه المحددات ثم اتحرك على ضوئها واقف عندما يحصل واحد من هذه المحددات.
ايضاً لابد من الاطلاع والوقوف على ما افرزته التجارب السابقة للقادة الاصلاحيين، يعني اقرأ التاريخ واقرأ الاصلاحات التي حدثت سابقاً في بلدي وفي بقية البلدان سواء كان في التاريخ القريب او البعيد واتعلم من تلك التجارب واعكسها على الواقع الحاضر.
ووضوح الرؤية بالنسبة الى متطلبات الظرف الراهن شرط اساسي لنجاح أي حركة اصلاحية، ومن ليس من اهل الخبرة والمعرفة بذلك فليس أمامه إذا اراد الانخراط في عملية التغيير والاصلاح والمساهمة فيها الاّ الرجوع الى اهل الخبرة بالأمور، حتى إذا تحققت الحركة الاصلاحية تحققت النتائج ونجحنا في تحقيق الاهداف بما يريده الامام الحسين (عليه السلام) وبالكيفية والوسائل التي يريدها الامام الحسين (عليه السلام) وهذا ما سنبينه ان شاء الله تعالى في الخطبة القادمة.