بالنظر للمكانة القدسية العالية التي امتازت بها أرض كربلاء باحتضانها للجسد الطاهر للإمام الحسين "عليه السلام" وما شهدته هذه الأرض من أحداث مصيرية غيّرت وجه التاريخ بعد واقعة الطف الأليمة، والتي انعكست ميدانياً عبر الجموع الغفيرة الزائرة لهذه المدينة والمشاهد المقدسة فيها، فقد توالت عمليات التوسعة والترميم على هذه المشاهد وفاءً لأصحابها من أئمة وصحابة وأولياء صالحين من جهة وتلبيةً للزخم البشري الوارد اليها من جهة أخرى.
وكان من بين أولى الحملات التعميرية الموثقة هي ما قام بها العلامة السيد "كاظم الرشدي" في أواخر القرن الثالث عشر عبر تجديد المسجد الواقع في القسم الشرقي من الصحن الحسيني الشريف، لتليه في سنة 1281هـ حملة مماثلة من قبل والدة السلطان عبد الحميد العثماني عبر تشييدها خزاناً لشرب الماء في الجهة الجنوبية الشرقية من المرقد الطاهر، فيما قام الحاج "حبيب الحافظ" سنة 1322هـ بتشييد خزانيّن آخرَين للمياه، أحدهما في الجهة المقابلة للخزان السابق الذكر، والآخر عند مدخل باب القبلة (1).
يذكر أن العديد من عمليات التجديد الفرعية كانت قد اُطلقت بين أركان الصحن الحسيني الشريف على مرّ التاريخ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تزيين الجدار الغربي منه والمطل على الضريح المقدس بالخزف القاشاني النفيس وبصورة أقل ما توصف به أنها آية من آيات الفن المعماري الإسلامي.
المصدر
(1) بغية النبلاء في تاريخ كربلاء: لمؤلفه عبد الحسين الكليدار آل طعمة وتحقيق عادل الكليدار آل طعمة، سلسلة منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ص187.