تميزت المباني الخاصة في مدينة كربلاء المقدسة وخصوصاً تلك المجاورة لضريحيّ الإمام الحسين وأخيه العباس "عليهما السلام"، بطابع ثابت تقريباً في العصور التي تلت ظهور الإسلام أوائل القرن السابع الميلادي.
وكان من بين الصفات المميزة للمناطق السكنية الكربلائية هي الأزقة الضيقة والممرات الكثيرة التعرج والإلتواءات والتي كان من بين فوائدها توفير الجو اللطيف صيفاً بسبب حجبها لأشعة الشمس الحارقة، بالإضافة الى فائدتها الأمنية في إعطاء المدينة القديمة صفة الحصن الدفاعي ضد الغارات المعادية وكمتاهة يتم من خلالها محاصرة الأعداء والسيطرة عليهم في حال تعرّضت المدينة لأي إعتداء خارجي أو تمرد داخلي (1).
ومما يذكر عن نشأة البيوتات القديمة في كربلاء هو تشابهها المقارب لدرجة التطابق مع نظيرتها في مدينة الكوفة المقدسة لسببين أولهما القرب الجغرافي بين المدينتين، وثانيهما الإشتراك في الموروثات الدينية والإجتماعية والتاريخية بين سكانهما، حيث تميزت تلك البيوتات بالبساطة في البناء من حيث الحجم والتصميم، مع التركيز على المبادئ الإجتماعية المهمة في الإسلام كالستر، وحفظ الحرمات، والإحترام المتبادل للحقوق بين صاحب الدار وما حوله من الجوار.
المصدر
(1) الأبنية الحضارية في كربلاء حتى نهاية 656 هـ: لمؤلفيه أ. د. زين العابدين موسى آل جعفر و م. هدى علي حسين الفتلاوي، سلسلة منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ص193.