منذ بزوغ فجر الدين الإسلامي على ربوع البشرية في أوائل القرن السابع الميلادي وحصول تغييرات طالت جميع مفاصل الحياة العامة والخاصة آنذاك، فقد كان للجانب العمراني نصيبه الوافر من هذه التغييرات وخصوصاً في المدن ذات التأثير التاريخي البارز كالكوفة وكربلاء.
وبالنظر للقرب الجغرافي بين المدينتين المقدستيّن سالفتيّ الذكر، فقد تشابهت أوجه التطور العمراني فيهما، حيث شُيِّدت معظم المباني الخاصة كالمنازل والبيوتات خلال فترة صدر الإسلام من القصب والبردي، فيما تطورت لاحقاً خلال العهد الأموي الى أكواخ بسيطة الشكل وذات إعتماد كبير على مادة "اللبن" في البناء دون الإسراف في المساحات المستخدمة خوفاً من السلطات القمعية المعادية لهاتين المدينتين خلال تلك الفترة حسبما ذكر المؤرخون (1).
وبعد حلول العصر العباسي وخصوصاً في عهد الحاكم عضد الدولة البويهي، فقد تحولت مدينة كربلاء تحديداً الى عامل جذب للسكان الراغبين بمجاورة المرقد الحسيني الطاهر، حيث تميّزت المنازل المبنية حينها بصغر المساحة والتلاصق الشديد والإستقلالية الخاصة لكل منزل عما يجاوره من المباني الأخرى.
المصدر
(1) الأبنية الحضارية في كربلاء حتى نهاية 656 هـ: لمؤلفيه أ. د. زين العابدين موسى آل جعفر و م. هدى علي حسين الفتلاوي، سلسلة منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ص190.