ويستمر الإستطلاع الخاص ببيان الآراء حول كيفية إستثمار المخرجات الإيجابية لزيارة الأربعين المباركة لصالح العراقيين خصوصاً والمسلمين عموماً، فكان للقاص الإعلامي "طالب عباس" مساهمة في هذا الاستطلاع، جاء فيها:
"قال الإمام الحسين عليه السلام: (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دينٌ، وَكُنْتُمْ لا تَخافُونَ الْمَعادَ، فَكُونُوا أَحْرارًا في دُنْياكُمْ).
إن بعث الأنبياء والرسل منذ بدأ الخلق ولآخر الزمان، وحتى دعوات بعض المصلحين الأفذاذ ما هي إلا محاولة تدور في دائرة في أضيق أطرها المادية عندما تدعو الإنسان لأن يكون إنساناً فحسب، وتنذره من عواقب الانحدار إلى درك أسفل من هذا العنوان، من خلال تغليب هواه على عقله. فيرتضي لنفسه وهو الحر ليكون عبداً.
وبذات الوقت تدعوه للسمو إلى أبعد الحدود معنوياً وأن يكون دالة للإنسان. فيكون إنسانياً، فيسيح في أوسع المديات الروحية، ليكون بالفعل مستحقاً الخلافة على الأرض، ولكن تبقى الدرجات ما بين أسفلها وأعلاها متاحة للجميع، ترتفع صعداً كلما بذل الإنسان من العطاء الإنساني، والعكس بالعكس صحيح أيضاً، وبالتالي فإن التوفيقات الإلهية لا تأتي إلا ضمن سنن ثابتة وحسب الاستعدادات الذاتية للإنسان نفسه، وإلا فأيِّ فضلٍ للمحسنين إذا كان الأمر محصور فقط في التوفيق الإلهي؟ وإذا لم يكن فضل بالأحقية.
وطبعاً يتجلى هذا المعنى الإنساني الواسع. بمدى نجاح الإنسان في الانسلاخ من ضيقة التعصب بكافة عناوينه الفرعية وهي كثيرة جداً، كما في جنسه وعشيرته وطائفته وقوميته وما إلى ذلك من محددات أخرى، وكدحه كإنسان حر نحو الحقيقة المطلقة ضمن المسمى الإنساني الأسمى.
وهذا ما تعمل الشعائر الحسينية على ترسيخه في الوجدان الجمعي، بل وتربي عليه وتستثمره في الإنسان، وتنجح أيما نجاح عام بعد عام من خلال إدامة زخم العطاء واتساع المدى للخدمة الحسينية المباركة في مراسيم وطقوس عاشوراء، حتى بتنا نرى الإنسان الحسيني قد فاق حدود المعقول في مواكب الخدمة الحسينية الزائرين. يجوع لكي يشبع الآخرين، يتعب ويصل حد الإرهاق لكي يريح الزائر، يبيع كل ما يملك لكي يبني للخدمة مضيفاً، بل مستعد أن يجود بالنفس على هذا الطريق. بوحي من العشق الحسيني المبارك".
وجاء في إجابة الأستاذ "رضا شيحان حسين"، مثقف وتربوي من جيل الروّاد:
"أولاً، المخرجات الايجابية لهذه المسيرة العظيمة كثيرة ومتعددة الجوانب فهي تخليد لرمز من رموز التحرر والثورة ضد الحاكم الطاغية الظالم، وهي تصلح كملهم للشعوب في كل زمان ومكان لرفض الظلم والتضحية من اجل الحرية، خصوصا وان رمزها شخصية لها مواصفات متكاملة من حيث السلوك والانتماء والتمسك بالمبادئ، فهو مثال للقدوة التي يفتخر بها إذا ما قارناها بشخصية يتخذها بعض شبابنا كقدوة للنضال والتحرر اليوم ويحمل صوره على صدور قمصانهم كجيفارا. أما بالنسبة لاستثمارها فأكيد ان العراقيين كانوا ولازالوا يستلهمون من الزيارة كل قيم الانسانية ومبادئها الحقة. وفي السنوات الاخيرة ظهرت الزيارة بمخرجات جديدة تطورت بسرعة لتصبح من أعظم الطقوس الدينية التي تؤديها شعوب الارض، من تحدي صعاب المسير الطويل من قبل الزائرین، وتحدي مضيفي الزوار على امتداد طريق المسير والبذل بسخاء والتسابق على تقديم أفضل الخدمات من قبل مواكب الضيافة، وهي سمات غير موجودة ولا معروفة عند اي من شعوب الارض. أما فيما يخص استلهام المسلمين من غير الشيعة لهذه المسيرة الضخمة فللأسف هناك التعصب الطائفي الذي يعمي قلوب المتعصبين، فيحجب عنهم الرؤية السليمة بالرغم من أن هناك مكونات غير مسلمة تشارك في هذه الطقوس كالمسيحيين والصابئة".
تابعونا في الجزء الرابع