بقلم (حيدر الرماحي)
عام جديد تجددت فيه ذكرى الأربعين، أربعين الامام الحسين "عليه السلام" في ظل أجواء الإنفتاح العالمي على الاسلام والتشيع.
وربما يمكن وصف زيارة الاربعين كواحدة من أبرز الظواهر التي اصبحت تلفت الأنظار، وأصبحت نافذة اطلاع العالم على الاسلام والشيعة رغم انها برزت متأخرة.
وأستطيع ان أعبّر ان هذه الزيارة كحدث نوعي من حيث فتح النافذة الاقليمية والعالمية نحو مذهب اهل البيت "عليهم السلام" حسب الترتيب الزمني تأتي بعد الثورة الاسلامية في إيران.
ان لهذه الزيارة عطاءات كبيرة نحن نقراها بشكل ومن ينظر لها ويتابعها من الخارج تختلف قراءته وربما لا يختلف الصديق والعدو على انها تمثل عز التشيع في هذا العالم الذي يشهد انواع الصراع الثقافي والاجتماعي في ظل النظرية والبعد المادي.
وباعتبار ان هذا العام 1442هـ هو عام مختلف بشكل تام عن الاعوام التي سبقت بإعتبار ان العالم يشهد جائحة فايروس كورونا الذي عطل العالم بصورة عجيبة فأغلقت المطارات والجامعات والمهرجانات والفعاليات ووصولاً الى الحج الذي اقيم بشكل مقتضب تخوفاً من انتشار هذا الوباء.
اذن كيف نقرأ رسالة الاربعين في عام الفين وعشرين من الميلاد؟
1. ان هذا العام تميز بمشاركة العراقيين فحسب رغم مشاركة عدد طفيف من بعض الدول ربما لا يتجاوز بضع آلاف مقابل مشاركة ما يقارب 14.5 مليون زائر من العراق. وهذا يدلل ان العراق هو الحاضنة وهو الراعي لهذه الزيارة، وان من يدخل من الخارج لأداء الزيارة فهو المسك والجزء الذي يزين المشهد، فتبقى نكهة الزيارة عراقية بولاء هذا الشعب بشكله العجيب والمنقطع النظير.
2. ان العراق في أصعب الظروف لا يتخلى عن موقعه القيادي ومحوريته في العالم الاسلامي.
3. هذه الزيارة وبهذه المشاركة الفاعلة للشعب العراقي تقدم رسالة لشيعة العالم مفادها ان شيعة العراق في مقدمة الركب وهم على استعداد للتضحية في سبيل ثوابتهم ومبادئهم وانهم يحملون اللواء ولا يمكن ان يتخلوا ويتنازلوا عن محبة اهل البيت "عليهم السلام" ولو بقوا وحدهم في الساحة.
4. ان شيعة العراق يتحدون العدو الظاهر وحتى الباطن وقد عرضوا أنفسهم للفداء لإحياء مبادئ ثورة الامام الحسين "عليه السلام"، اذ ان العالم أعلن ان هذا التحدي للوباء هو دليل محبة وعلاقة وثيقة مع اهل البيت "عليه السلام" ولا يمكن تفسيره بأبعاد مادية.
5. تراجع عدد الاصابات في العراق بعد موسم زيارة الاربعين امر غريب يدلل على العناية الإلهية لهذه الشعائر، وهو امر يستحق التعمق والبحث فيه.
6. لابد ان يكون هناك تفسير خاص بعيداً عن ادراكنا، إذ ان العالم توقفت كل فعالياته الا مسيرة الاربعين لم تتوقف ولم تضعف!! في حين كان كل المراقبين يتوقعون ان الزيارة ستشهد انخفاضاً في اعداد المشاركين.
7. احداث الشغب في كربلاء وكشفها والاطاحة بمخططها تدلل على اننا حاضرون في الساحة وان عدونا يتربصنا، ويتحين الفرص للإنقضاض علينا.
8. بروز ظاهرة الاهتمام بالشهداء ورفع صورهم لاسيما صور شهداء النصر وباهتمام ملحوظ وذلك انما يدلل على المحبة لهم ولمواقفهم الوطنية ودفاعهم عن مقدسات وشرف الامة، فضلاً عن سيرتهم العطرة وتواضعهم الكبير ونزولهم الميداني وحضورهم في جميع المحافل.
ولا يمكن تفسير هذه الظاهرة الا ان الشعب العراقي يحمل لهؤلاء الشهداء المودة، وهذا يأخذنا الى دلالة ان الشعب يؤيد قوى الحشـ ـ ـد الشعـ ـبي المقدس ولا ينكرون فضلهم وتضحياتهم، ومقابل ذلك بطلان ما تروج له الجيوش الالكترونية الجوكرية والتي تعمل على النيل منهم، وهذه أكبر رسالة تعبر عن ارتباط الشعب بالحشـد.
وهكذا كيف نفسر الترحيب الشعبي الكبير بحضور الفصائل المجاهدة ورفع راياتهم وهنا يأتي ترحيب العتبة الحسينية ووصفها المجاهدين بأوصاف تقدس وتبجل مقامهم.
9. شهد هذا العام فعاليات وممارسات وطنية وثقافية رافضة للوجود الامريكي ورفض التطبيع مع إسرائيل، وقد افترش الزوار أكبر عريضة للتوقيع على اخراج القوات الامريكية من العراق، ولاقت هذه الفعاليات الترحيب والمشاركة الكبيرة، مما يدلل الموقف الشعبي من هذه القضايا.
هذه الرسائل وغيرها هي مدعاة لقراءة هذه الظاهرة من عدة وجوه وابعاد اكاديمياً وسياسياً واجتماعياً لأننا اليوم نتحمل مسؤولية توظيف هذه الزيارة في صالح الاسلام من جهة والتشيع من جهة اخرى.