ها أننا نعيش لحظات انتهاء الأربعين الحسيني مرة أخرى، على أمل أن نحيي مراسيمها في السنة القادمة، وقد عشنا تفاصيلها لحظة بعد لحظة، حيث أجواء القداسة التي عمّت قلب كربلاء المقدسة وشوارعها وساحاتها وبيوتها وأهلها جميعاً، ورأينا ذلك التدفق البشري المؤمن وهو يجري كالسيل الجارف باتجاه مرقد سيد الشهداء وقبلة الأحرار الإمام الحسين "عليه السلام"، ولاحظنا انتشار المواكب الحسينية على طول الطرق وعموم المدن وتلك الخدمات الجليلة التي قدمتها للزوار الكرام، وهم أهلٌ لها، ولن تبرح ذاكرتنا حشود المعزين وهي تتوالى في مواكب عزاء خلف بعضها قاصدة ثائر كربلاء الأعظم بمواساتها وانتصارها للفكر الحسيني المتوقّد.
لقد استقبلت مدينة كربلاء المقدسة ما فاق على (14) مليون زائر، بحسب إحصائية إلكترونية مصدرها العتبة العباسية المطهرة، وهذا الجمع العظيم من الزائرين ما هو إلا فرصة عظيمة من الأفضل لنا كعراقيين ومسلمين استثمار أفضل الاستثمار لصالحنا، فلابد أن نحصد محصول الزيارة الأربعينية لصالحنا، ونطور الفرص المتاحة لنا للتغيير سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وإيمانياً، لأن مثل هذا الحشد من المؤمنين يمثل فرصة نادرة كي نقطف ثماره لصالحنا عبر مخرجات إيجابية يجب أن نركّز عليها ونفهمها ونوظفها لصالح تطوير العراق والمسلمين بل الإنسانية جمعاء.
وفي هذا الإطار توجّهنا بسؤال محدد لعدد من المثقفين والأكاديميين والكتاب المبدعين، عن ماهيّة المخرجات الايجابية لزيارة الأربعين كلٌ حسب رأيه ومنظوره، وعن كيفية استثمار هذه المناسبة السنوية الكبرى لصالح العراقيين والمسلمين؟
الكاتب الدكتور الأكاديمي في جامعة كربلاء خالد العرداوي، أجابنا بالقول:
"فيما يتعلق بالسؤال، أرى ان المخرجات الايجابية لزيارة الاربعين هي:
- تعزيز التعايش والمحبة بين الناس.
- تشجيع التواصل الايجابي بينهم بالرغم من اختلاف الثقافات والافكار والميول الاجتماعية والمناطق الجغرافية.
- حث الانسان على الثورة على الظلم والطغيان والظروف السيئة، وعدم الخضوع لها والقبول بالأمر الواقع.
- انها كرنفال اجتماعي تتعدد وسائل التعبير الانساني فيه، وهذا بحد ذاته اثر حسن.
- هي مناسبة عظيمة لإظهار الجانب الايجابي للشيعة امام العالم، لاسيما شيعة العراق.
وحول استثمار هذه المناسبة، رغم اعتقادي انها لم تستثمر الاستثمار الامثل عراقيا، ولكن ارى ضرورة:
- تعزيز المنهج الحسيني كقيم وسلوك في نفس الانسان، وعدم التركيز فقط على الشعائر والطقوس، رغم أهميتها.
- استثمار المناسبة كقوة ناعمة عراقية للتأثير في الشعوب ومؤسسات صنع القرار في الدول الاخرى.
رفد خزينة الدولة من خلال تطوير البنى التحتية السياحية في كربلاء والمحافظات الاخرى، فواقع هذه البنى يثير السخرية من سوء الأداء الحكومي وجهله الكبير بكيفية تنويع موارده غير النفطية.
- العمل على تطوير الفن والأدب من وحي المناسبة، وعدم جعل مظاهرها مقتصرة على الزيارة العابرة للزائر المحلي او الاجنبي، فتنويع مظاهر الفعاليات بإيجاد السينما والادب والشعر والتمثيل الحسيني امر مفيد، لاسيما عندما يترافق ذلك بأسابيع فنية ترتبط بالمناسبة وتنفتح عليها".
تابعونا في الجزء الثاني