أفادت وسائل إعلام محلية بريطانية ومنصات التواصل الاجتماعي بمشاركة الباحث البريطاني الشهير، الأب الإنجيلي "فرانك جيلي" مؤلف كتاب "كربلاء الى الأبد" في مراسيم إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين "عليه السلام" والتي أُقيمت مطلع الأسبوع الجاري وسط العاصمة لندن.
وقال "جيلي" في خطاب ألقاه بهذه المناسبة، إن "تشكيل (تحالف عدالة) بين المسلمين والمسيحيين، يجب أن يكون أحد أهداف الموالين لأهل البيت في بريطانيا"، مشدداً إن "تحالف الصليب مع الهلال للسعي والنضال من أجل العدالة سيكون هدفاً مناسباً للحركة الحسينية في الغرب، وما هي أفضل منصة لإطلاق مثل هذه المبادرة من ذكرى الأربعين في لندن، والتي يحضرها سنوياً آلاف الأشخاص من خلفيات متنوعة؟".
وأضاف الكاتب البريطاني، أنه "نظراً لإزدياد أعداد الناس المرتدين عن الإيمان بالله، فمن المؤكد أن هناك مجالاً لزيادة الوحدة بين المسلمين والمسيحيين للمساعدة في وقف موجة الإلحاد، ويمكن القول إن أخطر ما نواجهه هي الظواهر الاجتماعية والثقافية التي نشأت عن العلمانية، مع تحيزها العلني والسري ضد الدين، فلذا قد يكون إشراك المسلمين والمسيحيين العاديين على مستوى القاعدة الشعبية بدلاً من المساعي المؤسسية من الأعلى إلى الأسفل، قد يكون أكثر فعالية لتحقيق هذه الغاية".
وتابع "جيلي" عن مشاهداته لأولى مسيرات الأربعين التي حضرها، "كنت أعلم أنني لم أكن في تجمع سياسي عادي، بل كنت جزءاً من شيء أكبر، شيء يتجاوز حتى التظاهر من أجل العدالة، وفي حقيقة الأمر، بدا أن هذا التجمع يمس جذور الواقع، وهو كينونة الله نفسه"، مضيفاً "نبل الروح البشرية يتألق على وجوه أولئك المشاركين في مسيرة الأربعين، وأراهم مدفوعين بإرادة الله ومملوكين من قبل الله ويطيعون إرادته الإلهية، وكمسيحي، فإنني أرى لأفعال زوار الأربعين صدىً خاص لي شخصياً من خلال إدراكي المسيحي للإيمان".
وكان الأب "جيلي" قد ألقى خطاباً، في نهاية مراسيم أربعينية العام الماضي، ركّز فيه على مقولة للإمام علي "عليه السلام" حول القدرة الإلهية على الإطاحة بالطغاة، ليؤكد بعدها إن هذا هو ما فعله الإمام الحسين "عليه السلام" بوضوح في يوم عاشوراء على أرض كربلاء منذ حوالي 1400 عام، وهو فعل يتردد صداه في الألفية وما بعدها، ليشدد في سياق الخطاب أيضاً على إن قتال الإمام الحسين ضد الطاغية يزيد كان بالدرجة الأولى ضد تحريفه لرسالة الرسول الكريم محمد "صلى الله عليه وآله"، وطريقة حكمه المتمثلة في الاستبداد والإنحراف عن الصواب، وهو الأمر الوثيق الصلة بما يحدث اليوم، حيث نرى العديد من الممالك العربية تتصرف بنفس الطريقة التي يتصرف بها يزيد.
ولم يتوقف نشاط الأب "جيلي" عند إيجاد المشتركات بين المسيحية والإسلام، وإنما تعداه الى مجادلة اللاهوتي والفيلسوف المسيحي الشهير"توما أكويناس"، حول كتابه "الخلاصة اللاهوتية" والمتعلق بحق التمرد إذا كان ذلك من أجل ترسيخ الصالح العام، ذلك أن المسيحية كالإسلام حسب رأيه، تتمتع هي الأخرى بقوة التقليد الذي يربط أتباعها الحقيقيين، فحتى وقتنا الحاضر، تجد أن المسيحيين المخلصين يتوجهون لزيارة أضرحتهم المقدسة والكاتدرائيات بنفس الروح التي يظهرها زوار الأربعين لمدينة كربلاء والإمام الحسين "عليه السلام" والشهداء الآخرين.
ومما زاد في يقين الأب "جيلي" بالإسلام من وجهة نظر آل البيت "عليهم السلام"، هو إطّلاعه على المراجع الإسلامية الخاصة بظهور الإمام المهدي "عليه السلام" والمتزامنة مع ظهور السيد المسيح "عليه السلام" كما تشير إليها المصادر المسيحية، مما لا يدع مجالاً للشك في وجود تحالف مسيحي-إسلامي وصفه بـ "الطاهر" والذي لا مفر منه لتحقيق السلام والعدالة في العالم، فكما تؤكد أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" على إن المسيحيين الحقيقيين سيأتون تحت راية القائم "عليه السلام" بناءً على دعوته لهم، فهذا هو ما يجب أن يعطي المسلمين حافزاً قوياً للوصول إلى المسيحيين الأتقياء في بريطانيا وخارجها أيضاً، لإعداد الأسس لتحقيق ما جاءت به هذه الأحاديث.
يذكر أن الأب "فرانك جيلي" هو أحد الأفراد الغربيين النادرين الذين استفسروا بصدق وعمق عن الإسلام ، وبفضول خاص عن مذهب أهل البيت "عليهم السلام" على وجه الخصوص، ليقوم بعدها بتأليف كتاب تحت عنوان "Forever Karbala"، وبعد أن تجاوز الفهم الأكاديمي النظري، ذهب إلى أبعد من ذلك في العديد من الارتباطات التجريبية مع المسلمين أيضاً، فكانت مسيرة الأربعين واحدة من هذه التجارب، حيث وصف حضوره الأول في مسيرة الأربعين بلندن بأنه "استثنائي، وما شعر به هو والمشاركين الآخرين في هذه المسيرة المقدسة، هو إحساسٍ عميقٍ بالنبل، وحماسة، وتمجيد مقدسيّن".