لم يمنعهم عوقهم الذهني او الجسدي من المشاركة في خدمة المواكب الحسينية او السير مع الزائرين الى كربلاء المقدسة، فبعضهم يصرّ على المسير لمئات الكيلومترات والآخر يخدم في موكب حسيني منذ 17 عاماً وغيره له قابلية عجيبة في التنظيف بالمواكب، جمعهم حب الحسين "عليه السلام"، وتربية عائلاتهم التي غرست فيهم تلك المحبة لسيد شباب اهل الجنة.
أن يشارك في مراسيم العزاب الحسيني مثل المواكب والسير الى كربلاء ومجالس اللطم اشخاص اصحاء، فذلك أمر طبيعي، لكن ان يشارك اشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة فتلك خاصية تحتاج الى تسليط الضوء عليها.
متخصص بغسل الاواني
"علي خضير" أو "علاوي" كما يلقبه اهل الموكب، يعاني من عوق ذهني وجسدي جعل لديه صعوبة في النطق واعوجاج في الاطراف، لكنه رغم ذلك ينهض مبكرا في الموكب ليشارك في تقديم طعام الفطور الى الزوار، ويبدأ عملية غسل الاواني والصحون والصواني بشكل غريب حيث تتجمع المئات منها ولكنه لا يكلّ ولا يملّ فينظفها بسرعة كبيرة، ثم يذهب للمشاركة في العزاء والشعائر، ليعود مرة اخرى الى أواني وجبة الغذاء ويغسلها جميعهاً، ورغم صعوبة نطقه إلا أن اصحاب المواكب فسروا لنا كلامه بأنه يعشق الخدمة الحسينية لأنها تفرح الزهراء "عليها السلام" وهو يطلب الشفاعة منها.
العوق والسير
شاهدته جالساً على باب موكب ويداه ترتعشان ونطقه صعب وجسمه يهتز فاستعنت بصبي يرافقه ليشرح لي حالته، قائلاً ان "أسمه (علي حكم) وهو جيراني من منطقة حي الشهداء في مدينة الناصرية (313) كيلومتراً جنوب العراق وهو منذ (11) عاماً يأتي سيراً على الاقدام من الناصرية الى مدينة كربلاء ليواسي اهل بيت الرسول بعزائهم، ويشدد على ان سيره سريع ولا نستطيع ان نجاريه ولا يشعر بالتعب بقدر شعورنا به، وكثيراً ما تركنا وغادر الموكب الذي نأخذ فيه قسطا من الراحة على الطريق، لنجده في المدينة اللاحقة، كما إنه قليل التناول للأطعمة والاشربة، ورغم ذلك فانه يصل الى كربلاء قبلنا دائماً"، ويضيف الصبي المرافق له أنه "يعشق السير الى كربلاء المقدسة ويبكي بحرقة على مصيبة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) بالرغم من عوقه الذهني والجسدي".
17 سنة من الخدمة
تخصص بعمل المساج للزائرين وتنظيف الموكب كما يردد عدداً من القصائد الحسينية، يطلقون عليه اسم "توحه" واسمه "لؤي" يبلغ من العمر (55 عاما) لا يفارق فرض صلاة ابداً، باشر بالخدمة الحسينية في المواكب منذ (17) عاما ، وبات له زبائن يقدمون من البصرة والناصرية والسماوة ليأخذوا قسطاً من الراحة من تحت يديه الخبيرة بالتدليك والمساج، لؤي هذا بعد ان ينهي عمله، يذهب الى باقي اقسام الموكب مثل الطباخين ومقدمي الشاي ليساعدهم في عملهم ، يقول عنه احد اعضاء الموكب ان عمله منضبط بشكل لا يوصف، فهو خدوم ودقيق الملاحظة فيما يخص اي نقص في عمل الموكب كما اصبح له جمهور يأتي لعمل المساج والتلاطف معه، كما وأنه يقدس القضية الحسينية ويتفاعل معها بكل جوارحه رغم العوق الذهني والجسدي لديه.