مصورة بريطانية نقلت تجربتها في مسيرة زيارة الأربعين، وأشارت في خطابها عن سعادتها في نقل هذه الأحداث الاعلامية الغنية بكل لحظاتها.
حيث بدأت "إيميلي" حديثها: "ولدت وترعرعت في المملكة المتحدة، والحرب هي كل ما أعرفه عن العراق من وسائل الاعلام، ولم أزر الشرق الأوسط سابقاً، ولم تعرف عائلتي عن الشرق الأوسط غير النبيذ اللبناني والعنف، عملت مصورة صحفية منذ ثلاث سنوات، وفقت لزيارة الأربعين، كان الامر مفاجئاً ولم يبعد سوى اسبوعين عن موعد الزيارة كان قبولي لدعوة زيارة الأربعين فكانت حرباً ضد أحاسيسي، وكانت أحد تجاربي الأكثر ايجابية وأماناً، المرتبطة بديانة أُسيئ فهمها، في بلد وأرض كثرت عنها التقارير السلبية على مر العصور ولم أستطع أن لا أتساءل، كيف لأكثر من (25) مليون أن يمشوا إلى كربلاء خلال أربعين يوماً لأجل شخص وافاه الأجل قبل 1400 عام؟".
وتضيف المصورة الصحفية "لم تعتبر وسائل الاعلام العالمية هذا الحدث أمراً مهماً، وحتى الآن لازال الاعلام الغربي يتجاهل زيارة الأربعين، وها أنا ذا في مطار النجف الأشرف مع فريق من المصورين من العراقيين والإيرانيين نستعد لتصوير فلم وثائقي عن زيارة الأربعين"، مبينةً "مررنا خلال ثلاثة أسابيع بطرق عديدة منها مدينة الحلة على جانب نهر الفرات نحو مركز كربلاء على ما أسماه الزائرون بـ (طريق العشق الحسيني)، تأثرت بكل التعاطف الذي اختبرته شخصياً وبين زائر وآخر، العديد منهم سافر من الولايات المتحدة ومن أقطار آسيا والمملكة المتحدة".
وتؤكد "غارثويت" بالقول "تفاجأت بامرأة تعمل في بنك في لندن بينما تتجول في غابات النخيل نحو أماكن مبيتنا، في تلك الليلة قيل لي أن التواجد في مواكب الرجال يعني مقطوعة من الشخير خلال الليل، لكن يمكنني التأكد أن المبيت في مواكب النساء يعني أن يوقظك الأطفال وبكاء الرضع، وفي حالتي تعرض عليّ الخالات الطعام، ويعدلن حجابي ويسألني إن كنت متزوجة عشرين مرة في اليوم، كان الجميع هناك لنفس السبب، لإظهار حبهم واحترامهم للإمام الحسين (عليه السلام)، إلا إننا جميعاً نخوض رحلات مختلفة بينما أنا لست مسلمة، وجدت رسالة الأربعين في مرحلة انتقالية عظيمة في حياتي، وجدت الكثير من الزائرين الذين أتوا بعد أن فقدوا عزيزاً أو هربوا من الحرب وهؤلاء الذين انتظروا حياتهم كلها لهذه الزيارة في أعمار الثمانين والتسعين عاما".
"عندما وصلنا إلى ضريح الامام الحسين (عليه السلام) يوما قبل الأربعين ومن أعلى سطح إحدى المنازل القريبة شاهدنا وفود الزائرين إلى المدينة ثم ركع أحد الزملاء على الأرض مناجياً عند ضريح الامام الحسين (عليه السلام)، حيث غمرتني مشاعري وكنت شديدة الحيرة، كيف يمكن لـ (25) مليوناً أن يمشوا بأمان من دون أن يعلم أحد بالآخر، وكيف يمكنهم أن يحزنوا على الحسين (عليه السلام) كما لو أنه توفي للتو في ذلك اليوم، وكيف يمكن لرجل أن يوحد الكثير من الناس وفي مكان واحد، وهذا ما واصلت التفكير به في العراق بعدما انتهينا من التصوير ورجعت إلى المملكة المتحدة، حيث قضيت عام 2018 محبطة جداً بشأن التناقض بين تجربتي وبين ما ينقله الاعلام البريطاني".
وتضيف الصحفية البريطانية أنه "بالرغم من أن الأربعين مناسبة حزن ورثاء كان هناك الكثير من البهجة في أكثر الأوقات حزناً، يمكننا كبشر أن نكون أرق من أي وقت مضى وهذا بالتحديد ما حصل".
"عندما سألني مسؤولو الهجرة إن كنت بخير، أخبرتهم ببساطة ان السبب الذي دفعهم لمقابلتي هو ذات السبب الذي دفعني للذهاب إلى العراق، لأبرهن للناس أنه ليس كما يظنون، فتحت جهاز الحاسوب وأريتهم الصور من الزيارة فبدأوا بسؤالي عن الاسلام الشيعي، وكيف كان العراق في تلك اللحظة، ثلاثة رجال من الشرطة غير المسلمين اعتذروا لتوقعهم بأنني في خطر فقط لأنني كنت في العراق".
وأكّدت "إيميلي غارثويت" في ختام حديثها، إنه "علينا جميعا أن نقف في الجانب الصحيح من التاريخ، وأن نقف ضد الظلم كما فعل الامام الحسين (عليه السلام) قبل ألف وأربعمئة عام، حيث لا يوجد أهم من هذه الرسالة في حياتي لأشاركها معكم".