كانت مدينة الرميثة وما زالت منبعاً للعلم والثقافة والشعر والعشق الحسيني وتميّز منها بيت السيد "صالح الشرع" وبيت الشيخ "ياسين الرميثي" الذي كان مرتكزا لجمع المواكب واقامت الشعائر الحسينية وتربية أجيال من الشباب المتدين، وبعد سقوط النظام المباد، قام هذان البيتان بجمع مواكب الرميثة، ورسم سيناريو لهم بطريقة الموكب المركزي الذي يقدم مختلف العروض خلال سيره، فقام بجمع الآلاف من المحبين وأخرجهم بموكب مهيب يقدم فواصل تمثيلية وطعام ومبيت على مسافة 300 كيلومترا من مدينة الرميثة التابعة لمحافظة المثنى وسط العراق الى كربلاء المقدسة.
أصل التأسيس
بعد سقوط النظام الدكتاتوري، شمّر ابناء المدينة عن سواعدهم وتصدى ابناء "الشرع" ومعهم أبناء الرميثة، وأعادوا تأسيس الموكب تحت مسمى "موكب الشيخ ياسين الرميثي"، والذي يقول عنه كافل الموكب "محمود آل شيخ فليح" في حديث لوكالات أنباء محلية، إنه "يجمع معه خمسين موكباً حسينياً وابناء العشائر ليسروا الى كربلاء المقدسة بموكب مركزي يضم ثلاثة آلاف مواطن، ويسير لمدة سبعة أيام، وشكلت فيه لجان مختلفة منها لإخراج الفواصل المسرحية والاطعام والمبيت ونصب السرادق، ويضم الموكب ثلاث مخرجين متخصصين من خريجي معهد الفنون الجميلة، والذين خصصت لهم قطعة من الارض في الرميثة ليجروا التدريب على العروض وصقل مواهب الممثلين الجدد، ويسير الموكب لمسافة 300 كيلومتر الى كربلاء المقدسة، يقدّم الموكب خلالها ستة فواصل تمثيلية يؤديها بحدود (500) ممثل بينهم رجال ونساء واطفال في مناطق الحمزة والديوانية والقاسم والحلة وطويريج وكربلاء، ويضم الموكب أيضاً مسير لعلامات الدلالة والطبول والسواد والرايات والسبايا والإذاعة والفواصل التمثيلية.
إنفاق وخدمة متواصلة
منسق خدمات الموكب "علي جبار كاظم" يشير الى أن "الإنفاق يصل الى (40) مليون دينار خلال سبعة أيام، حيث يكون الطبخ وتقديم الوجبات الى آلاف الزائرين على مدار اليوم، وتصل بعض الوجبات اليومية الى طبخ ثمانية ذبائح او (700) كيلوغرام من السمك"، مبيناً أن "الخدمة في الموكب تطوعية على شكل وجبات بينهم مهندسين وأساتذة ومدراء مدارس، ويكون هذا الإنفاق في مقر موكب الشيخ ياسين الرميثي من يوم الخامس من صفر الى الحادي عشر منه، فيما يكون هناك إنفاق اخر على الموكب بدعم كبير من ميسوري مدينة االرميثة في كل مكان يحلّ به الموكب، حيث أن الموكب لا يعتمد طريقة الجمع بالتكامل او الصندوق، بل هناك تبرعات كبيرة تصل اليه من الجميع".
التربية الفكرية
يهتم الموكب بالشباب والفتيات والصبيان وخصص جزء من جهوده لهم، هذا ما أكّده "علاء الشيخ" بقوله إن "الجانب الفكري يتمركز في المسيرة التي إنطلقت منذ خمسينيات القرن الماضي، والتركيز ينصب في توظيف جوانب القضية الحسينية عبر زرع التراحم بين ابناء العائلة الواحدة والعشيرة، وتوسيع قاعدة التراحم ومساعدة الآخرين عبر افتتاح مؤسسة مخصصة لهذا الغرض والتي توزع آلاف المساعدات لفقراء مدينة الرميثة، وأُسست رابطة (الوعي الفكري) والتي تعاونت بدورها مع العتبتيّن المقدستيّن الحسينية والعباسية، ونظمت جولات وزيارات للطلبة المتميزين الذين يبلغ عددهم الف طالب وطالبة للإطلاع على مشاريع العتبات المقدسة، وتوسعت من هذا الموكب روابط أخرى فكرية مثل (موكب طلبة مدينة الرميثة) الذي يدعم من قبل العتبات المقدسة وهو ما زرع حب القضية الحسينة بوعي عالٍ لدى الشباب"، مشيراً الى أن "مواكب السماوة عموماً والرميثة خصوصاً تنطلق على صدى القصيدة المشهورة (يا حسين بضمايرنه) للرادود المرحوم الشيخ (ياسين الرميثي) وقصيدة أخرى اوصى بها هو نفسه أصحاب الموكب ان تقرأ في المسير قبل وفاته ونصها يقول (عهد الله عاهدناك... يا حسين نظل وياك... دربك ما نبعد عنه... وحبك مفتاح الجنة... وبالفطرة حبيناك)".