في اللحظات الأخيرة أدرك انه لم يكن على المسار الصحيح بعد أن كان على الديانة المسيحية، تبيّن له إن الدين الإسلامي الحنيف خاتم الأديان وكأنه فهم معنى الآية الكريمة واستوقفته كثيراً "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" – آل عمران (85).
ولمّا دخل إلى دين الإسلام عرف المذاهب الخمسة، وإتبع مذهب جعفر الصادق حفيد الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب "صلوات الله وسلامه عليهم" والذي ينحدر نسبه إلى ذرية بعضها من بعض ترعرعت في بيت النبوة حيث هبط جبرائيل ورهط من الملائكة.
عرف كل شيء عن المذهب الجعفري وخالط أتباعه "الشيعة" ومارس طقوسهم الدينية من إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين في واقعة ألطف لإعلاء كلمة الله وغيرها من المناسبات الدينية من أفراح وأحزان.
هو المستبصر الكاميروني "بيرنار شانغام" الذي يروي عن كثب قصة مسيره إلى كربلاء على صولجان "عكازات" مع جموع الزائرين الوافدين صوب مرقد الإمام الحسين "عليه السلام".
مسيرة أربعينية الحسين بلسان مسيحي مستبصر
يقول "بيرنار شانغام" الذي إختار إسم أبرز شخصية إسلامية عرفها التاريخ هو اسم "علي" إبن عم النبي محمد "صلى الله عليه وآله" وأحد الأوائل الذين ساندوا الدعوة الإسلامية:
"مشيت من النجف إحدى محافظات العراق التي تضم قبر الإمام علي بن أبي طالب، إلى كربلاء التي تضم قبر نجله الإمام الحسين (صلوات الله عليهم) مسافة تقدر بــ ١٠٠ كم تحت أشعة الشمس الحارة لهدف واحد هو البحث عن رضا الله سالكاً طريق أتباع أهل البيت الذين اتبعت ملتهم (الشيعة) في مسيرتهم إلى قبر ابن بنت نبي الإسلام للوصول إليه في العشرين من شهر صفر".
الشعور بالإمام المهدي يرافق الزائرين إلى كربلاء
ويواصل المستبصر المسيحي حديثه بالقول: "بعد ما إطلعت على قصة زيارة الأربعين أيقنت إن من ورائها هدف عظيم هو تجديد الثورة بوجه الطغاة وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى أول من زارها صحابي رسول الله (صلى الله عليه وآله) جابر الأنصاري، ومن ثم السيدة زينب (عليها السلام)، ليجسدوا هذه الرسالة التي أريقت من اجلها دماءهم الزكية، خلال هذا المسير الملائكي شعرت بخطوات الإمام صاحب العصر (عجّل الله فرجه) الذي كان يحثنا على المسير، وشعرت بحضور جميع الأنبياء (عليهم السلام) معنا، حيث شممنا عطر الملائكة التي كانت ترفرف بأجنحتها حول السائرين صوب الإمام الحسين (عليه السلام)".
العراقيون شعب مضياف لا نظير لهم
ويتابع "شانغام" بالقول "عند زيارتي للعراق عرفت إن الله سبحانه وتعالى اختار هذا المكان ليكون رمزاً شاخصاً يؤمّه الملايين من البشر على مختلف دياناتهم ومن شتى بقاع الأرض، وشاهدت خلال مسيرتي إن الناس يقدمون الضيافة إلى زائرين كل بحسب إمكانيته المادية فهذا يقدم الماء وذاك يقدم العصير وذاك يقدم الحلويات وذاك يقدم مختلف صنوف الطعام المقدمة في أرقى المطاعم، فضلاً عن أماكن إيواء الزائرين التي توفر مختلف وسائل الراحة، فأيقنت حق اليقين إن الله أعلم حيث يجعل رسالته".
كبار وصغار فقراء وأغنياء تسير في درب الحسين
ويسترسل الصحفي "بيرنار شانغام" في الحديث، أنه "خلال مسيرتي إلى كربلاء وسط جموع الزائرين الرجال والنساء والأطفال من مختلف شرائح المجتمع، وجدت المرجع الديني (بشير ألنجفي) يسير مع الزائرين لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) فتوجهت نحوه أتخطى الزائرين إلى أن وصلت إليه وعانقته وانفجرت بالبكاء، ومن ثم مضيت وشأني نحو كربلاء، ووسط هذه الأجواء هناك عيون ساهرة لا تنام من اجل حماية الزائرين هم القوات الأمنية العراقية"، مضيفاً "أستريح قليلاً وأواصل السير مع الزائرين من مدينة النجف الأشرف نحو مرقد الحسين (عليه السلام) حتى وصلت قرب العمود (٣٢٥) إذ يقع قربه موكب لخدمة الحسين من مواطني بلجيكيا، حيث أخذت قسطاً من الراحة ومن ثم شاركتهم في خدمة الزائرين وإنطلقت من جديد صوب كربلاء المقدسة حيث وجهتي".
واقعة الطف صورة ثابتة لا تفارق أذهان محبي أهل البيت
ويتابع المستبصر الكاميروني "في كل خطوة من خطواتي تتصور لي واقعة ألطف وأتذكر عطش علي الأكبر نجل الإمام الحسين وأشبه الناس برسول الله خلقاً وخلقاً ومنطقاً، و العباس بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهما) عندما كان يصول على جيوش يزيد عليه لعائن الله، وأشحذ الهمة عند تذكر هذه الأحداث، وأعدّ خطواتي واحدةً تلو الأخرى أبغي جزاءها حسنات، والأكثر من هذا إن السير لمسافة مئات الأميال دون أن يشعر الناس بالتعب وسط الأجواء الإيمانية والهتافات التي تخلّد ذكر أهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، لتنتهي مراسم الزيارة ويعود الجميع إلى أوطانهم على أمل نيل الشفاعة يوم الورود من محمد وآل محمد (صلى الله عليهم) أجمعين ما أشرقت الشمس وما غربت".
ويختتم "شانغام" كلامه بالقول "لن تنقطع زيارتي للإمام الحسين ما دمت حياً وسأواصل مسيرتي عاماً بعد الآخر، فلا غنى لنا عن الالتحاق بسفينة نجاة الأمة وباب الشفاعة والرحمة الإمام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه)".