في قلب الصحراء الغربية لكربلاء، تمتد غابات النخيل في قضاء عين التمر كأنها شريطٌ من الخضرة يروي حكاية الأرض التي لم تخن عطائها يوماً، فهذه الواحة التاريخية، التي تبلغ مساحتها المزروعة أكثر من (64 ألف دونم)، تُعد من أقدم مناطق زراعة النخيل في العراق، ومن أهم مصادر إنتاج وتصدير التمور منذ قرون طويلة.
تعدّ عين التمر اليوم المجهّز الرئيس للتمور في كربلاء بنسبة 85٪، إذ تنتج واحتاها بين 12 إلى 14 ألف طن سنوياً من أجود الأصناف مثل الزهدي، والخستاوي، والبربن وغيرها من الأنواع التي تحمل نكهة الأرض والماء العذب.
ولأن هذه المدينة ليست وليدة العصر، فإن جذورها تمتد إلى قرية "شثاثة" أو "شفاثا" كما كانت تُعرف بالآرامية بمعنى “الرائقة الصافية”، قبل أن يتحول اسمها إلى عين التمر عام 1938 تخليداً للمدينة التاريخية التي كانت يوماً حصناً منيعاً للفرس، ثم موقعاً استراتيجياً للمسلمين بعد فتحها على يد خالد بن الوليد عام 12هـ.
لكن ما لبثت المدينة القديمة أن اندثرت بفعل انحسار المياه وانتشار الملاريا والتصحر، لتبقى عين التمر اليوم رمزاً للبقاء رغم العواصف، ومصدر حياةٍ يعتمد على خزان مائي ومضخاتٍ زراعية أعادت الروح إلى نخيلها.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور الاجتماعي، 2020، ج2، ص51-52.