بسط الرزق بمعنى سعته فإنّ كل البشر مرزوقين و أنما يختلفون في الكثرة و القلة، و الله هو الرازق و الباسط و لا يقطع عن عباده موائده و إن عصوه، قال تعالى في كتابه الكريم (إنّ ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) ، و (الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إنّ الله بكل شئ عليم) ، و ( قل إنّ ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ، و هذا البسط و القبض لحكمة يعلمها و لكن النّاس لا يعلمون كما في خاتمة الآية، فلا يدلان عامة على المنزلة و القرب من الله سبحانه و تعالى و لا لكرامة أو هوان، و لكن يتم ذلك وفق مشيئته و حكمته.
و الأحاديث المروية عنهم عليهم السلام تبيّن جانبا من ذلك البسط و القبض و ترشد العبد المؤمن إلى تكليفه في الحالتين، قال أمير المؤمنين عليه السلام: (فإنّ الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطرات المطر إلى كل نفس بما قسم لها من زيادة أو نقصان، فإن رأى أحدكم لأخيه غفيرة في أهل، أو مال، أو نفس، فلا تكونن له فتنة) .
الله سبحانه و تعالى يبسط الرزق لمن يشاء و يضيقه و يسبب أسبابه، و لكن غالبية الناس تحب الغنى و تكره الفقر.
و السؤال الابتدائي هنا هو لماذا لم يجعل الله الناس كلهم أغنياء، و قال تعالى: (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضّلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم) . و الجواب هو أنّ الحياة الدنيا هذه لا تستقيم مع غناهم جميعا و هي دار ابتلاء بل لابد من تفاضل بينهم في الغنى و الثروة و الممتلكات و الصفات، و لو كانوا كذلك كلهم أغنياء لبغوا في الأرض، قال تعالى: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير) . و عن الإمام الصادق عليه السلام: (لو فعل لفعلوا، و لكن جعلهم محتاجين بعضهم إلى بعض، واستعبدهم بذلك، و لو جعلهم كلهم أغنياء لبغوا) .
و قال الإمام علي (عليه السلام): و قدر الأرزاق فكثرها و قللها، و قسمها على الضيق و السعة، فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها و معسورها، و ليختبر بذلك الشكر و الصبر من غنيها و فقيرها .
و قال عليه السلام فإنّ الله سبحانه يقول: (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة) ، و معنى ذلك أنه يختبرهم بالأموال و الأولاد ليتبين الساخط لرزقه، و الراضي بقسمه و إن كان الله سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، و لكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب و العقاب .
و في روايات تعجيل عقوبة الذنب روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: إنّ الله عز وجل إذا كان من أمره أن يكرم عبدا و له ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك له ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل به ذلك شدّد عليه الموت ليكافيه بذلك الذنب، قال: و إذا كان من أمره أن يهين عبدا و له عنده حسنة صحّح بدنه، فإن لم يفعل به ذلك وسّع عليه في رزقة، فإن هو لم يفعل ذلك به هون عليه الموت ليكافيه بتلك الحسنة .
- سورة الإسراء، آية 30
- سورة الإسراء، آية 30
- سورة العنكبوت، آية 62
- سورة سبأ، آية 36
- نهج البلاغة، باب الخطب، خطبة 23
- سورة النحل، آية 71
- سورة الشورى،آية 27
- تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي - ج 2 - ص 276، التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج 2 - ص 1130، ج 4 - ص 376
- نهج البلاغة: الخطبة 91
- سورة الأنفال، آية 28
- نهج البلاغة، الخطبة 91
- الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 444، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) - الشيخ هادي النجفي - ج 3 - ص 175، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) - الشيخ هادي النجفي - ج 4 - ص 55، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) - الشيخ هادي النجفي - ج 11 - ص 130، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) - الشيخ هادي النجفي - ج 12 - ص 167
المقال يمثل رأي الكاتب وليس بالضرورة ان يمثل رأي المركز