اعطيت أرض كربلاء من الشرف ما لا تعط أي بقعة من بقاع الأرض حتى مكة المعظمة منذ أن خلق الله الأرض، ففي حديث عن الإمام السجاد (عليه السلام) أنه قال (اتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق أرض الكعبة ويتخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وإنه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة وأفضل مسكن في الجنة، لا يسكنها إلا النبيون والمرسلون)، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام) (في طين قبر الحسين (علية السلام) الشفاء من كل داء، وهو الدواء الأكبر).
حيث أن قداسة بعض البقاع أو الترب لم تكن منحصرة فيما رواه العلماء سلفاً، بل إن السيرة العملية المستمرة بين المسلمين وفي زمن النبي الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) يروى أنهم كانوا يقدسون بعض البقاع والترب ويتبركون ويستشفون بترابها.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال (إن فاطمة الزهراء بنت رسول الله (عليهم أفضل الصلاة والسلام) كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت تديرها بيدها تكبر وتسبّح حتى قتل حمزة بن عبد المطلب (رضوان الله عليه) فاستعملت تربته، وعملت التسابيح، فاستعملها الناس، فلما قتل الإمام الحسين (عليه السلام) عدل بالأمر اليه فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزيّة.
ولعل من أسرار السجود على تربة الحسين (عليه السلام) أن السجود عليها يجعل المصلي على ذكر دائم لما جرى من المصائب والفجائع العظيمة على الإمام الحسين (عليه السلام) الا الذي حفظ بقيامه ضد الحكم الأموي الطاغوتي وبشهادته الإسلام المحمدي الخالص، والصلاة المحمدية من عبث وتحريفات الفئة الباغية والشجرة الخبيثة الملعونة في القرآن "أشهد أنك قد أقمت الصلاة.."، فلولا قيام الحسين (عليه السلام) لما بقيت الصلاة، ولا كانت الزكاة، ولأفرغ من معناه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل لما بقي الإسلام، وصح تماماً ذلك القول الرائع "الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء".