لقد باتت كربلاء منذ مقتل الامام الحسين (عليه السلام) على أرضها، تزخر بالقيم والمثل والمعاني السامية، وبأخلاقيات البطولة والشهامة والإباء والرجولة وأدبيات النهضة الهادفة، لنصرة الحق ودحر الباطل، لذا فأن هذه الفاجعة، لابد أن تستلفت أنظار دعاة الحق، وطُلاب العدل، ورسل الفضيلة، وأن تجتذب إليها كلَّ المؤمنين والمُتشوّقين، لنيل الفوز في الدنيا والآخرة.
كان الكثير من الجموع البشرية تزحف نحو كربلاء بهدف الزيارة أو السكنى بجوار قبر الامام الحسين (عليه السلام)، وكان من بين هذه الأجيال المتعاقبة، الكثير والعديد من العلماء والأدباء والشعراء الذين وجدوا في رحابها مادة خصبة، يستلهمون منها ما يُساعدهم في خلق روائعهم الأدبية والشعرية، أو ما يُغني ويدعم مُعطياتهم العلمية والثقافية، فأفادوا وأستفادوا، حتى أوجدوا في كربلاء نواة جامعة علمية سبقت بأقدميتها الجوامع العلمية في كثير من المدن.
ومن الجدير بالذكر إن الشاعر عبيد الله بن الحر الجعفي عندما زار قبر الامام الحسين (عليه السلام)، وعندما وقع نظره على القبر الشريف، أجهش في البكاء والنحيب طويلاً، فأسعفته قريحته في الحال فرثى الحسين (عليه السلام) بقصيدة ارتجلها، مستلهماً معانيها من مصابه الجلل، ومن واقعة كربلاء المفجعة، ومما قاله:
يقـــول أميـر، غـادر وابن غــــادر الا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمــة فــيا ندمي إن لا أكــــون نصـرتــه الا كل نــفـس لا تســدد نـادمــــــة ويـــا ندمي إن لـم أكن من حماته لذو حسرة مــا إن تفــارق لازمــة سقـــى الله أرواح الذيــــن تآزروا على نصره سقياً من الغيث دائمــة وقفــــت على أجدائهـــم ومحالهـم فكاد الحشى ينفض والعين ساجمة لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى سراعاً إلى الهيجا حماة خضارمة تأســوا علـى نصـرة ابن بنت نبيهم بأسيـافهـم آسـاد غيـل ضـــراغمة |