اوردت مجلة السبط العلمية المحكمة الصادرة عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، في عددها السادس من السنة الرابعة لعام 2018م، تفاصيل واحداث تأسيس سوق السرداب للكتب في مدينة كربلاء المقدسة.
وقالت المجلة في بحثها الموسوم (الانساق الثقافية في مدينة كربلاء المقدسة (1964-2004م))، انه "بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991م وتجريف المنطقة المحيطة بالامام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام) وما بينهما وفقدان الكثير من أصحاب المحال أماكن رزقهم، بدأ الكثير منهم يبحث عن مكان لإيوائه من التشرد، بالخصوص بعد ان طبقت على العراق العقوبات الاقتصادية وبدأ الناس يشعرون بالضائقة المالية".
وبينت السبط انه "استأجر الأستاذ مهدي عبد الرزاق أبو طحين اول محل في السرداب الواقع في سوق الخفافين (النعلجية) الذي كان يبيع الملابس النسائية (الكماليات) إلا أن هذا النوع من المهن بدأ يضعف لفقدان العملة العراقية قيمتها وتضخم الأسعار، وضعف الدخل اليومي للفرد، وكان اسم مكتبته (المتنبي) كان يخرج بسطية عند باب السرداب".
وأضافت انه "تبعه الأستاذ محمد كاظم صاحب مكتبة المنتظر، ومن ثم الاستاذ أحمد عباس، وكان في السرداب الأستاذ هاشم الخياط، الذي عندما رأى توجه السوق نحو الكتب، باع أغراضه وتحول لبيع الكتب، وتبعه خياط اخر وهو الأستاذ ستار هادي (أبو محمد) حيث امتهن بيع الكتب، وشيئا فشيئا تحولت محال السرداب كلها إلى سوق المكتبات لبيع الكتب الدينية حصرا، وبعض الكتب الفكرية والأدبية والفلسفية".
وأوضحت ان، " سوق السرداب كان - سوق الكتب - مرصودا من قبل رجال الأمن، وكثيرا ما كان يحصل تفتيش له، كما كانوا يرسلون بعض رجالهم متنكرين للسؤال عن كتاب ديني ممنوع، ليقع صاحبه في قبضة الأمن أو رجال البعث المقبور، ففي أحدى المرات جاء ضابط أمن من مدينة بابل غير معروف من قبل أصحاب المكتبات، وقصد مكتبة الهدى يسأل عن كتاب الأربعين، وبعد فترة أرسل معلومات عن السوق وصاحب المكتبة وتم إلقاء القبض عليه وحبسه لمدة ستة أشهر".
واردفت المجلة ان " عمل سوق الكتب كان يزدهر في يومي الخميس والجمعة لتوافد الزائرين على كربلاء بقصد الزيارة والمرور بالسوق لشراء الكتب الدينية والزيارات".
ويذكر ان السوق ظل صامداً رغم تعثر الأوضاع الاقتصادية في عموم العراق، ولكنه ظل مصدر الكتاب الثقافي بمختلف أنواعه، كما أن كل من يريد كتاباً مهما أو مخطوطة نادرة كان يلجأ إلى هذا المكان، كما أن الكثير من الكتبيين كانوا يطوفون المحافظات من أجل شراء الكتب النادرة أو المهمة والمؤثرة في تاريخ العراق وعرضها في سوق السرداب ومنهم عادل السلامي (أبو سيف) الذي كان يقصد مدينة الموصل الحدباء ويطوف على مكتبة الميثاق والنقشبندية، وكذلك مكتبة أبو وسام، ومكتبة خالد وغيرها من أجل اقتناء المخطوطات النادرة والكتب التي طبعت مرة واحدة وأصبحت مفقودة في سوق الكتب في كربلاء.