يروي الدكتور هاشم جعفر قاسم في كتابه (سوق التجار الكبير .. شاهد لألف عام) الصادر عن مركز كربلاء للدراسات البحوث، تفاصيل العلاقة التي كانت تربط تجار السوق مع بعضهم وعن الالفة بينهم، بقوله "تربط تجار السوق وكسبته أكثر من رابطة، فضلاً عن كونهم زملاء مهنة واحدة، فهم أبناء المدينة وأصدقاء وجيران عمل وبعضهم حتى جيران سكن، وبعضهم أقارب، وهم يقضون معظم ساعات يومهم مع بعضهم، ويحملون هموماً مشتركة، ويتداولون مواضيع متبادلة، وتغلب عليهم روح الدعابة والمزاح والأجواء اللطيفة، ومعظمهم يقضي عمره في السوق، فيصبحون (عشرة عمر) كما يقول العراقيون، ويحتفل اصحاب المحلات بكل المناسبات السعيدة التي تصادف احد زملائهم او شركائهم في السوق".
وذكر الدكتور هاشم، إن" هذا التعامل شكل علاقة اجتماعية وثيقة، اشبه ما تكون بعلاقة الاسرة الواحدة، يفرحون لفرح أحد اعضاء الاسرة كما يحزنون لحزنه، وهم متعاونون على البر والتقوى بروح طيبة، يؤطر علاقتهم المزاح البريء، ويكونون معاً إذا ما أصابت الضراء أحدهم أو السوء، ويغلقون محالهم جميعا في حال رحيل أحدهم إلى العالم الآخر".
واضاف، "لم تكن المسافة المتمثلة بجانبي السوق، والتي تبلغ اربعة أمتار، عاملا سلبيا في ذلك، فمن السهل تبادل أطراف الحديث بين اصحاب المحلات، وفي المساء عند مغادرة السوق يكون الامر كما كان في الصباح، يتبادلون عبارات الوداع متمنياً كل منهم للآخر ليلة سعيدة".
ويكمل الدكتور هاشم "من الجميل انه لو سئل أحد اصحاب المحلات عن نوعية قماش ليس في حوزته، ويعلم انها موجودة عند جاره، يرشد السائل (الزبون) الى محل وجودها، أو يطلب ممن يمتلك البضاعة المطلوبة إحضارها ليعرضها على الزبون ويتفق على السعر المطلوب ويقوم بإجراء صفقة البيع بدلا عن صاحب البضاعة الاصلي، وعندما يتم ذلك ويذهب الزبون يرجع المتبقي من البضاعة إلى صاحبها مع النقود دون نقص او فائدة، وهذا يدل على درجة التعاون والثقة ومستوى الايثار القائم بينهم".
كما كان لتجار السوق موكب عزاء حسيني خاص بهم يعرف بـ (موكب عزاء التجار)، أسوة ببقية أصحاب المهن (الصنف) الأخرى في مدينة كربلاء المقدسة.
يتبع ....