كانت المرأة الكربلائية وبسبب قدسية المدينة لا تخرج من بيتها إلا في الحالات الضرورية وبمظهر لا يلفت إنتباه الآخرين، أما في الريف فتمارس المرأة أعمالاً أكثر من الرجل.
وظهر الواقع المحافظ للمرأة الكربلائية من خلال وصف "مدام ديولافيو" عندما زارت مدينة كربلاء، وكيف كانت النساء الكربلائيات يغضبهن تجاه سفور الاوربيات.
وعلى الرغم من ذلك فإن المرأة الكربلائية تمتعت بحرية نسبية، كالسماح لها بحضور المناسبات الدينية في الحضرتين المشرفتين، أو الاستماع إلى بعض الخطب والمحاضرات الدينية. كما وحرص اهالي كربلاء على تعليم المرأة في وقت مبكر، بإرسالها إلى بعض الملايات من امثال، المله "حبابه ومله منيره ومله ربابه" وغيرهن كثير، فتعلمن قراءة القرآن الكريم وبعض الادعية.
برزت دعوات عدة لرجال دين ومصلحين اجتماعيين طالبوا فيها بتخليص المرأه من القيود الاجتماعية، كالأمية والجهل والمرض، بما لا يتعارض مع ما جاء من تعاليم في الدين الاسلامي. ومن أبرز هؤلاء المصلحين السيد "هبه الدين الشهرستاني" الذي رد على بعض الفتاوي التي حرمت تعليم المرأة بالحديث النبوي الشريف (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة). لذلك سبقت كربلاء مدينة بغداد في تعليم المرأة المسلمة.
فقد تم فتح اول مدرسة للبنات فيها عام ۱۹۱۸ م وكان عدد طالباتها (۲۰) طالبة، وعينت لإدارتها "فاطمة خان" تساعدها معلمة اسمها "وفيه خانم"، وفي عام ۱۹۲۰م فتحت مدرسة اخرى كان عدد طالباتها (۳۰) طالبة، وكانت تدرس فيها القراءة والكتابة والدين والخياطة والتطريز.
والمفيد بمكان أن نذكر هنا أن المرأة الكربلائية التي سبقت غيرها في التعليم ونهلت من فکر مدينة الامام الحسين (عليه السلام)، قد ابدعت في كل جوانب الحياة الثقافية والفكرية ليس فقط في مجال التدريس، بل ظهرت لبعضهن کتب ونتاجات ثقافية وعلمية وأدبية منهن "بروين الصراف ابنة عبد الحسين الصراف بن مهدي الاسدي"، وهي من الأسر الكربلائية المعروفة في غزارة الانتاج الأدبي، و"فاطمة جواد آل طعمة" وهي ابنة السيد جواد بن السيد كاظم بن السيد مرتضى بن السيد مصطفى آل طعمة ويرجع نسب هذه العائلة الى الامام موسی بن جعفر الكاظم (ع).
ومن هذه الأسرة برز مؤرخ مدينة كربلاء السيد "سلمان هادي آل طعمة"، والسيادة "جمانه هبة الدين الحسيني الشهرستاني" التي ولدت في كربلاء من اسرة كربلائية فاضلة لها تاريخ نضالي طويل في ثورة العشرين، ونشأت في بيت مناخه العلم والدين والأدب، والدها هو "السيد محمد علي هبة الدين الحسيني" أحد اکبر علماء عصره ومن الفقهاء اللامعين والسيدة فضيلة الشامي بنت السيد عبد الامير کاظم الشامي الموسوي وهي كاتبة وباحثة معروفة (158)، وآخريات ساهمن بشكل فاعل في تنوير المرأة الكربلائية.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج3، ص188-190