عانى تاريخ كربلاء من مشكلة ندرة التدوين والتوثيق التاريخي منذ نشأتها وحتى التاريخ الحديث، وعلى الرغم من ذلك يمكن الاستناد على كتب الرحلات في استنباط الكثير من الحقائق التاريخية، حيث دوَّنَ الرحالة معلومات تعكس طبيعة الحياة الاجتماعية التي كانت سائدة قبل رحلاتهم وبعدها بعقود من الزمن.
عُرفت كربلاء في الماضي باسم مشهد الحسين (ع) وهي عبارة عن بلدة صغيرة يحيط بها سور، الا انها تعد من اهم المدن الإسلامية حيث تجتذب زوار الإمام الحسين (ع) من كل بقاع العالم الإسلامي مما كان يتطلب توفير الخدمات الأساسية لهم، ومن هذه الخدمات "إيواء الزائرين" حيث لم تكن هناك حسينيات خاصة كما هي عليه في وقتنا الحاضر بل كانت الخانات هي التي تتولى مهمة إيواء الزائرين، وغالباً ما كانت الخانات تُبنى من قبل الخيرين أو من قبل الحكومة وقفاً للإمام الحسين (ع)، كما كان المؤمنين المتمكنين يقومون بوقف احد عقاراتهم أو دورهم لتكون مأوى للزائرين.
وهناك خدمة (اطعام الزائرين) فقد ذكر "ابن بطوطة" عام1325م كربلاء بانها مدينة صغيرة وتقع الروضة الحسينية المقدسة داخلها وعليها زاوية كريمة فيها الطعام للزوار الوافدين والخارجين منها، مما يدل على ان الطعام كان يقدم للزائرين في الحضـرة الحسينية في اماكن خاصة للضيافة، في عام1604م بيّن الرحالة "تكسيرا" وفرة الارزاق في كربلاء كاللحوم والخضار والفواكه والحبوب مثل الحنطة والرز. ومما لا شك فيه ان تيسـر الارزاق ساعد أهالي المدينة كثيراً في تقديم الطعام المجاني للزائرين الوافدين إلى كربلاء لاسيما في المناسبات الدينية والزيارات المخصوصة.
اما خدمة "سقاية الزائرين" ففي عام 1604م شاهد الرحالة "تكسيرا" السقاة في الروضة الحسينية المقدسة وهم كانوا يسقون الماء للناس في سبيل الله وطلباً للأجر أو احياء لذكر الإمام الشهيد الذي قتل عطشاناً في هذه البقعة من الأرض، ويحملون قرب جلدية المملوءة بالماء وبأيديهم طوس نحاسية جميلة.
المصادر
1. رحلة ابن بطوطة الطنجي، تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب ال اسفارص233.
2. موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، التاريخ الحديث والمعاصر، ج1، ص37-39.
3. مجلة السبط، عماد عبد السلام رؤوف، كربلاء في القرنين السادس عشر والسابع عشر بحسب الوثائق العثمانية، ال عدد3، ص81.