منذ استشهاد الامام الحسين(ع) أصبحت كربلاء قبلة للمسلمين في العالم الذين أخذوا يتوجهون اليها بكل لهفة وشوق لزيارة مرقده الشريف، فيما هاجر اليها الكثير منهم واستقروا فيها وشيدوا مساكنهم بشكل محوري حول مرقدي الإمام الحسين واخيه أبا الفضل العباس، وبلغ عدد بيوتها خمسة آلاف بيت في عام 1605م كما ذكر أحد الرحالة.
كانت المادة الأساسية المستخدمة في بناء البيت الكربلائي هي الطين، أذ ذكر نيبور(Niebuhr) عام1765م بان معظم البيوت كانت مشيده بالطابوق غير المفخور المجفف بالشمس. كما استخدم الطابوق المفخور الآجر والجص، أما القار فاستعمل كمانع للرطوبة في تغليف جدران الأسس والأحواض وفرشه على السطوح، واستعمل الخشب وجذوع النخيل في بناء السقوف المستوية، أما السقوف المعقودة فتتم عن طريق تشكيل خاص للطابوق حيث تستند الواحدة على الأخرى ليتم بنائها على شكل منحنٍ.
يتميز المظهر الخارجي للبيت الكربلائي بالكتلة البنائية، وتتكون من طابقين غالباً، ويبدأ البيت بالمدخل الذي يكون حلقة وصل بين البيت والخارج وتكون له باب مصنوعة من الخشب وتختلف في سعتها وزخرفتها من بيت لآخر، ويؤدي الباب إلى ممر(دهليز) ومنه تتفرع مداخل البيت وبوساطته يتم عزل الشارع عن الساحة الوسطية التي تسمى (باحة الدار) أو(الحوش) الذي تحيط به غرف تفتح أبوابها وشبابيكها عليه، وهو المنفذ الوحيد المكشوف من الأعلى، والمتنفس الوحيد للهواء والضوء والذي تدخله الشمس، والمنظم الرئيس لدرجة حرارة البيت صيفاً وشتاء، وتبلط ساحة الدار المكشوفة بالطابوق الآجر المسطح( الفرشي)، ويوجد حوض لخزن المياه يقع في وسطها، وقد توضع في وسطه نافورة (شاذروان).
تقع في مقدمة البيت مجالس الضيوف وتُعرف(بالبراني) ثم تنتقل إلى الغرف المخصصة لأفراد العائلة والمرافق الملحقة بها والتي تحيط بالساحة وتسمى (بالدخلاني). أما السرداب فيكون موقعه تحت الأرض ويستعمل لأغراض مختلفة ويلجأ اليه اهل الدار من حر الصيف. أما المطبخ فيشغل أحد أركان البيت وفي مكان بعيد عن هبوب الرياح وذلك لمنع تصاعد الدخان إلى الغرف، وتوجد فتحه في جدار المطبخ وفوهتها في أعلى السطح، يخرج عبرها الدخان إلى الفضاء.
ومن مميزات البيوت الكربلائية الشناشيل هي عبارة عن بروزات وجدت كضرورات اجتماعية ومناخية من أجل المحافظة على حرمة البيت من الاشراف المتبادل في البيوت المتقابلة التي تتلاقى اقسامها العليا، ونتيجة للعادات والتقاليد ومنها الحجاب المفروض على المرأة فقد غُطيت الشبابيك من الخارج بطبقة من الخشب المشبك المسمى(قيم) وفائدته فسح المجال لمن في الداخل مشاهدة ما يجري في الخارج دون أن يراه أحد، فضلاً عن الناحية المناخية حيث تسمح بنفوذ كمية كافية من الضوء والهواء إلى داخل الغرفة. في البيوت الكربلائية أعمدة من الخشب تنتهي بتاج مقرنص متدرج، وتسند الاعمدة الممرات في الطابق العلوي.
المصادر:
احمد باسم حسن