من المحطات المهمة في تاريخ هذه المدينة المقدسة هو تشرفها بمرور أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب حين توجهه الى حرب صفين سنة 37هـ - 657م، حيث يذكر إبن مزاحم المنقري صاحب كتاب "وقعة صفين" نقلاً عن أبي سعيد التيمي الذي كان أحد جنود الإمام آنذاك، قوله "كنّا مع علي (ع) في مسيره الى الشام، حتى إذا كنا بظهر الكوفة من جانب هذا السواد، إذ عطش بعض الناس واحتاجوا الى الماء، فانطلق بنا علي (ع) حتى أتى بنا على صخرةٍ ضِرس من الأرض كأنها رضة عنز، فأمرنا فاقتلعناها فخرج لنا ماء، فشرب منه الناس وارتووا، فانطلقنا بعدها الى دير قريب فسألناهم: أين الماء الذي هو عندكم؟ قالوا: ما قربنا ماء، فقلنا: بلى، إنا شربنا منه، قالوا: أنتم شربتم منه؟ فقلنا: نعم، فقال صاحب الدير: ما بُني هذا الدير إلا بذلك الماء، وما استخرجه إلا نبي أو وصي نبي".
ومما ذكر أيضاً عن أقوال أمير المؤمنين بحق أرض كربلاء، هو ما أورده سعيد بن حكم العبسي عن الحسن بن كثير عن أبيه، أن "علياً أتى كربلاء فوقف بها، فقيل يا أمير المؤمنين، هذه كربلاء، فقال: ذات كرب وبلاء، ثم أومأ بيده الى مكان فقال: هاهنا موضع رحالهم، ومناخ ركابهم، وأومأ بيده الى موضع آخر فقال: هاهنا مهراق دمائهم"، فيما يذكر الشيخ المفيد في كتابه "الإرشاد" ج11، ص332 عن أمير المؤمنين "ع" قوله لأصحابه بحق هذه الأرض: "هذه كربلاء، يقتل فيها قوم يدخلون الجنة من غير حساب"، فكان الناس لا يعرفون تأويل ما قال الإمام "ع" حتى كان من أمر أبي عبد الله الحسين "ع" وأصحابه بالطف ما كان، فعرف حينئذ من سمع ذلك المقال مصداق ما أنبأهم به "ع" (1).
المصدر
(1) موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التأريخي، قسم التأريخ الإسلامي: ج 2، ص 131.