القنطرة البيضاء أو الجسر الأبيض أحد المعالم التاريخية والأثرية لمدينة كربلاء المقدسة، يعود تاريخ بنائها إلى أكثر من (450) سنة أي في زمن الحكم العثماني للعراق وقد بنى القنطرة السلطان العثماني سليمان القانوني بعد زيارته مدينة كربلاء المقدسة عام (1550) ميلادية عندما قام بحفر نهر الحسينية وذلك لربط ضفتي النهر.
الوصف العام للقنطرة: القنطرة البيضاء تشابه باقي القناطر التي بنيت في الفترة العثمانية فهي تتكون من عقد مدبب واحد تحيط به (4) منارات، اثنان في كل جانب وهناك المدرجات التي تمتد على جوانب القنطرة وتحيط بها الجدران الساندة لبدن القنطرة وتتميز بضخامتها.
الطول الحالي للقنطرة (46 م) وقياسها على الشكل التالي: تبدأ بالمدرج من جهة الشارع العام ويكون بعرض (11 م) ثم يأخذ بالتدرج ليصل إلى (5 م) في أعلى نهاية القنطرة ثم يعود إلى التوسع في الجانب الثاني من القنطرة، وقياسات الجدران الساندة للقنطرة بواقع متر واحد عرضاً في أساس الجدران لتتمكن من تحمل ثقل الجدار ثم تنتهي بقياس (50- 45 سم) في أعلى الجدار.
تتكون القنطرة من عقد مدبب يكون بعرض (5,90 سم) من الأسفل تحيط بنهاية القوس منارة من كل جهة ملاصقة له ليصبح عدد المنارات (4) تبدأ من أسفل البناء وتكون على شكل ثمانيًّ ملاصقة لنهاية القوس وتكون بطول (6 م) لنهاية الشكل الثماني وهي موازية لمدرج القنطرة، ثم تبدأ المنارة تأخذ شكلها الاسطواني وتكون قياساتها للأعلى بارتفاع (3 م) تنتهي بشكل مخروطي مفصص بواقع (13) جزء محدب الشكل يعطي لأعلى المنارة شكلاً رائعاً ومسراً للنظر، وقطر المنارة (1,08م) ومحيطها (3,43).
وهي تسمى ايضاً بقنطرة الامام علي (عليه السلام) وذلك لأن الروايات وكتب التاريخ تذكر أن الامام علي (عليه السلام) وفي طريقه الى حرب صفين عام (37هـ) أثناء توجهه إلى معركة صفين عن طريق كربلاء المقدسة ثم عين التمر فالأنبار واخيراً الى الشام، مر بكربلاء فشوهد وهو يقف متأملاً كربلاء وما عليها من أطلال وآثار فسئل عن السبب فقال (ان لهذه الأرض شأناً عظيماً فها هنا محط ركابهم وهاهنا مهراق دمائهم، فسئل في ذلك فقال: ثقل لآل محمد ينزلون ههنا)، والواضح ان الإمام علي (عليه السلام) وقف بالقرب من مكان بناء القنطرة البيضاء فكان مقاماً لاستراحته وصلاته.
ومن هنا بدأ الاهتمام بترميم وبناء القنطرة من قبل أهالي المدينة والحكومات المتعاقبة التي حكمت المدينة، حيث قام الوالي العثماني في بغداد حسن باشا ببناء القناطر فوق النهر، وكان الاهتمام منصباً أولاً على مكان القنطرة الحالي لوجود اثر مقدس بجانبها هو مقام ومكان صلاة الإمام علي (عليه السلام)، وجدد بناءها والي بغداد المملوكي سليمان باشا الكبير بعد الغزو الوهابي عام (1803م)، وفي عام (1824 م ) دارت عليها معركة وطنية تسمى واقعة (الميراخور) أو كما تعرف محليا واقعة (المناخور) بين العثمانيين وأهالي كربلاء حيث أعلنَ الأهالي العصيان وأصبحت تحكم نفسها بنفسها بعد قتل المتولي فتح الله خان وبعده علي أفندي، وبعد محاصرة طويلة للمدينة اضطر الوالي العثماني داود باشا بأمرة الجيش العثماني لاحتلال المدينة كما جاء بموسوعة كربلاء الحضارية التي يصدرها مركز كربلاء للدراسات والبحوث، وكتاب مدينة الحسين للكاتب محمد حسن الكليدار- ج3.الذي طبعه واخرجه المركز ايضاً.
ويستطرد مرة أخرى: في تلك الفترة كان متولي كربلاء سليمان آغا الكهية، أي النائب باللغة التركية، ونتيجة لطول مدة المعركة والحصار تهدم جزء كبير منها، فقام السيد علي النهري بالاستعانة بالمعماري محمد بن علي بن اسطة قاسم البناء الاسدي بإعادة الجزء المتهدم من بنائها قبل أكثر من (160 سنة)، أي في (1850م).
وقد اهتمَ مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية، بتسليط الضوء على هذه القنطرة التي تعد من الإرث الكربلائي الطويل الذي يمتد الى مئات السنين كونه يرتبط ارتباطاً جذرياً بتاريخ وحضارة مدينة سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام).