كان عمرو شريفاً في الكوفة، مخلص الولاء لأهل البيت، قام مع مسلم حتى إذا خانته اهل الكوفة لم يسعه الا الاختفاء فلما سمع بقتل قيس بن مسهر وانه أخبر أن الإمام الحسين عليه السلام صار بالحاجر خرج إليه، ومعه مولاه سعد، ومجمع العائذي وابنه، وجنادة بن الحرث السلماني، واتبعهم غلام لنافع البجلي بفرسه المدعو الكامل فجنبوه وأخذوا دليلاً لهم الطرماح بن عدي الطائي وكان جاء إلى الكوفة يمتار لأهله طعاماً، فخرج بهم على طريق متنكبة، وسار سيراً عنيفاً من الخوف؛ لأنهم علموا أن الطريق مرصود، حتى إذا قاربوا الحسين السلام حدا بهم الطرماح بن عدي فقال:
ياناقتي لاتذعري من زجري وشمري قبل طلوع الفجر
بخير ركبان وخير سفر حتى تحلي بكريم النجر
الماجد الحر رحيب الصدر اتى به الله لخير امر
تم ابقاه بقاء الدهر
فانتهوا إلى الحسين عليه السلام وهو بعذيب الهجانات، فسلموا عليه وأنشدوه الأبيات.
فقال عليه السلام : (( أم والله إني لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا، قتلنا أو ظفرنا)).
قال أبو مخنف : ولما رآهم الحرّ قال للحسين عليه السلام : إن هؤلاء النفر من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك، وأنا حابسهم أو رادهم ، فقال له الحسين عليه السلام : (( لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي، إنما هؤلاء أنصاري وأعواني، وقد كنتَ أعطيتني ألا تعرض لي بشيء حتى يأتيك كتاب فقال : اجل لكن لم يأتوا معك فقال ( هم اصحابي وهم بمنزلة من جاء معي فان تمت علي ما كان بيني وبينك والا ناجرتك))، فكف عنهم الحر وقال أبو مخنف أيضاً ولما التحم القتال بين الحسين عليه السلام وأهل الكوفة شد هؤلاء مقدمين بأسيافهم في أول القتال على الناس، فلما وغلوا عطف عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم ، وقطعوهم من أصحابهم، فلما نظر الحسين عليه السلام إلى ذلك ندب إليهم أخاه العباس، فنهد إليهم وحمل على القوم وحده يضرب فيهم بسيفه قدماً، حتى خلص اليهم واستنقذهم فجاؤوا وقد جرحوا، فلما كانوا في أثناء الطريق، والعباس يسوقهم رأوا القوم تدانوا إليهم؛ ليقطعوا عليهم الطريق فانسلوا من العباس، وشدوا على القوم بأسيافهم شدة واحدة على ما بهم من الجراحات، وقاتلوا حتى قتلوا في مكان واحد . فتركهم العباس ورجع إلى الحسين ع فأخبره بذلك، فترحم عليهم الحسين، وجعل يكرر ذلك.
المصدر / الشيخ محمد بن طاهر السماوي / تحقيق الشيخ محمد جعفر الطبسي / مراجعة مركز كربلاء للدراسات والبحوث ص ١٢٢