بقلم/ محمد طهمازي
لسنوات خلين كانت مسيرة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام تتركز بين النجف الأشرف وكربلاء المقدسة لهذا كنا نرى احتشاد مواكب خدمة الزائرين، من مبيت وإطعام، بين هاتين المدينتين وبشكل يصل الى تراص الموكب جنب الآخر الأمر الذي أنتج فائضًا في الطعام في هذه المنطقة عن باقي الطرق بين المحافظات العراقية التي تشكل معابر وحلقات وصل للزائر القادم مشيًا من خارج الحدود أو للمنطلق من داخل المحافظات.
في السنوات القليلة الماضية بدأت بوادر تطوير جديد للمسيرة الحسينية من حيث انطلاقتها من نقطة هي في أقصى الحدود العراقية بعدًا عن مدينة كربلاء المقدسة وهي منطقة راس البيشة على مياه الخليج لتؤسس لخط مسير نموذجي تتجمع فيه الحشود الحسينية سواء القادمة من إيران أو تلك القادمة من دول الخليج العربية إضافة لمحافظة البصرة والمحافظات الجنوبية لتؤسس خطًا إعلاميًّا صريحًا وصادحًا للعقيدة الحسينية التي تتجاوز اللغات والأعراق وتدوس على كل مؤامرات الفرقة وفتنها الحالية واللاحقة, توحدهم طينة العراق التي تعمدت بدماء شهداء العقيدة والجهاد والثبات على منهج أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم وشعائرهم على مدى التاريخ.
من البحر إلى النحر الحسيني المقدس الذي فاض دمه الطاهر أنهارًا صارت بحارًا. إنها مسيرة الشعائر الحسينية التي قاومت الفناء والإرهاب والتشويه والذبح وراحت تطور أدواتها وخطابها الديني والإنساني وعلينا واجب العمل على تأصيل هذه المسيرة التي تجسّد الوحدة الإيمانية تحت راية سيد الشهداء التي ترفرف فوق كل أرض وتحمل صدى صوته المدوي بـ"هيهات منا الذلة" ليهز عروش الظلمة في كل البلاد وفي كل الأزمنة.
إن عملية التأصيل تحتاج لمن يكتب ويحلل ويؤشّر على السلبي قبل الإيجابي وتحتاج إلى أصوات إعلامية ومنابر حسينية ودعم لوجستي يزرع الطريق مواكب إيواء وإطعام كما الطريق بين كربلاء المقدسة والنجف الأشرف. ادعموا مسيرة الحسين عليه السلام وستجدون صدى نهرها العظيم في العراق يتردد أنهارًا في بلدان الجوار، وما بعدها، لتتلاقى معها غدًا عابرة كل الحواجز مثلما عبر شريان دم الإمام الحسين كل الحدود ووصل كل القلوب الندية المؤمنة... وسلام على الحسين!