ووفقاً للمصادر التأريخية المعتبرة، فإن هذه الرواية تسلط الضوء على الجانب الأكثر حساسية، وهو أن مواقف الأشراف لم تكن نتاج اجتهاد سياسي، بل نتاج شراء صريح للذمم، جعلهم يقفون في صف الظلم، رغم معرفتهم بطهارة موقف الإمام الحسين (عليه السلام) وعدالة قضيته.
وبينما حاول المستشرق الألماني "يوليوس فلهاوزن" تقديم صورة “محايدة نسبياً” لأشراف الكوفة – بوصفهم قوماً يبحثون عن الاستقرار ويخشون الفوضى – تكشف النصوص الموثقة أن هؤلاء كانوا في الحقيقة الركيزة التي اعتمد عليها ابن زياد في قمع الثورة قبل انفجارها، وفي شق صفوف الناس، وفي إرهاب العامة الذين كانوا يميلون إلى الإمام الحسين بحب وإيمان.
ووفقاً لهذه القراءة الجديدة التي تضع دور الأشراف في موقعهم الصحيح، فإنهم لم يكونوا إلا قوة قبلية محافظة على مصالحها، وليست قوة معارضة سياسية للأمويين كما صوّرها فلهاوزن، وهي قراءة تعيد الاعتبار لحقيقة التاريخ، وتبرز الخلفية الاجتماعية والسياسية التي مهدت لتلك اللحظة الفاصلة في كربلاء.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور التاريخي، قسم التاريخ الإسلامي، 2020، ج8، ص56-57.