تُعد بحيرة الرزازة في محافظة كربلاء المقدسة من أعظم التكوينات المائية الطبيعية في العراق والشرق الأوسط، إذ تحتل المرتبة الثامنة عالمياً من حيث المساحة والقدرة الخزنية التي تقترب من (25) مليار متر مكعب من المياه، ما يجعلها أحد أعمدة الأمن المائي والبيئي في البلاد.
يقع هذا المنخفض المائي الفريد، المعروف أيضاً باسم "هور أبي دبس"، على الحافات الشرقية لهضبة البادية الشمالية، ويمتد بين محافظتي كربلاء المقدسة والأنبار، على بُعد نحو (15) كيلومتراً فقط عن مركز مدينة كربلاء، وتبلغ مساحة البحيرة عند منسوب (+40) متراً أكثر من (1810) كيلومترات مربعة، يقع ما يقرب من نصفها داخل الحدود الإدارية لمحافظة كربلاء.
يعود تاريخ نشوء البحيرة إلى 20 نيسان عام 1941، حين غمرت مياه الفيضانات مناطق هور أبي دبس وبحر المالح، مشكّلة بذلك هذا المنخفض المائي الضخم الذي أصبح لاحقاً خزاناً طبيعياً لاحتواء مياه الفيضانات القادمة من نهر الفرات عبر قنوات مائية عدة.
ومع تنوّع مصادر تغذيتها المائية من موسمٍ إلى آخر، ظلّت بحيرة الرزازة لعقودٍ طويلة رمزاً بيئياً وسياحياً ارتبط بذاكرة الكربلائيين والعراقيين على حدٍّ سواء، فتجمع بين جمال الطبيعة الصحراوية وعمق الدور المائي الحيوي الذي أدّته في حماية مدن الفرات الأوسط من الفيضانات.
أما اليوم، فتستعيد الرزازة حضورها في الدراسات البيئية والهيدرولوجية الحديثة، باعتبارها ملفاً استراتيجياً في مواجهة التغير المناخي وشحّ المياه، وركيزةً لإحياء السياحة البيئية في كربلاء، لما تحمله من إرثٍ طبيعي فريد يستحق أن يُعاد إليه البريق.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور الجغرافي، 2017، ج31 ص191-193.