من بين مدن الفرات الأوسط، تبرز مدينة الهندية (طويريج) كواحدة من أهم المحطات التجارية التي ازدهرت في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، حين تحولت إلى ميناء نهري نشط يربط بين الحلة وكربلاء، تنطلق منه القوافل النهرية المحملة بالرز والحبوب نحو مدن العراق كافة.
ووفقاً للدراسات المنشورة عبر موسوعة كربلاء الحضارية الصادرة عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث، فقد امتدت على ضفتي نهر الهندية عشرات معامل تقشير الشلب المعروفة بـ "المجارش"، والتي بلغ عددها نحو (30) مجرشة يعمل فيها أكثر من (1500) عامل، مما جعل المدينة قلباً نابضاً للتجارة والإنتاج في تلك الحقبة.
ولم يكن النشاط الاقتصادي وحده ما منح طويريج أهميتها، بل موقعها الجغرافي الساحر الممتد على الضفة اليمنى للنهر، وسط حقولٍ خضراء وبساتين وارفة تسقيها الجداول المتفرعة، وتضيئها المصابيح الكهربائية التي حلّت محل الفوانيس النفطية القديمة، لتروي قصة تحولٍ حضاريٍّ فريدٍ في عمق الريف العراقي.
أما الجسر الحديدي الذي شُيّد عام 1955م ليربط جانبيّ هذه المدينة الكربلائية العريقة، فقد أصبح رمزاً لتطورها وتواصلها مع محيطها الزراعي والتجاري، فيما بقيت قصبة طويريج مركز القضاء، واحةً نابضةً بالحياة، تستقطب الزائرين والرحّل على حد سواء، حتى غدت بحق روضة من مدن الفرات الأوسط.
المصدر: مركز كربلاء للدراسات والبحوث، موسوعة كربلاء الحضارية الشَامِلَةُ، المحور الإجتماعي، 2020، ج1، ص49-50.