منذ أقدم الأزمنة، وحتى سقوط نظام البعث في العراق عام 2003م، عُرفت مدن العتبات المقدسة بوجود طائفة خاصة من الناس نذرت نفسها لخدمة الزائرين ورعاية شؤونهم. لم تكن هذه الخدمة مجرد عمل عابر، بل تحوّلت إلى مهنة متوارثة عبر الأجيال، يحصل أصحابها على أرزاقهم من عطايا الزائرين، ومن واردات الأضرحة، وأجور الدفن في الأروقة والصحن الشريف. وقد كان لهذه الطائفة حضور بارز في مدينة كربلاء المقدسة، حتى وصفها الرحالة والأدباء وصفاً دقيقاً، لما تمثله من قيمة روحية واجتماعية في حياة الناس.
أبرز وظائف طائفة الخدمة في العتبات المقدسة:
 1. الكليدار: وهو "صاحب المفاتيح"، رجل زاهد عابد، بيده فتح الأبواب وإغلاقها، ينظم دخول الزائرين وخروجهم، ويعلن ساعة الرخصة والمناجاة ليلاً.
 2. الخازن: يتولى حفظ الخزائن والنفائس من الجواهر والتيجان المرصعة والسيوف المذهبة والمصاحف والقناديل الثمينة، ولا يدخلها إلا السلطان أو المقربون.
 3. البواب: يقف عند الأبواب بوقار، يستأذن للزائرين بالدخول، ويقرأ لهم الزيارة إذا لم يعرفوا القراءة، ويوجههم لأداء ما تيسر من الأدعية.
 4. الموقدون (المسرجون): يشعلون الشموع والمصابيح والزجاجات ليلاً، حتى قارب عددها الخمسمائة مصباح، فتضيء الحرم بأبهى صورة.
 5. الخدام: يستقبلون الزوار، ويؤمنون لهم الطعام والشراب وأثاث الدار، ويشيعونهم عند الرحيل، ويراعون مصالحهم كي لا يتعرضوا للغبن.
 6. الكناس: يداومون على تنظيف الأروقة من الصباح حتى المساء، حتى تصير أكثر نقاءً وصفاءً.
 7. الكيشوانية: يتولون حفظ ما يحتذيه الزوّار عند أبواب الحرم، بعناية خاصة سواء كان الزائر غنياً أو فقيراً، حتى شبّههم الرحالة بحجاب الملوك.
وقد أكد الرحالة محمد هارون الحسيني الهندي في كتابه الرحلة العراقية، وكذلك الرحالة عبد العلي خان عام 1856م، على أهمية هذه الطائفة وتنوع أدوارها، حتى غدت جزءاً لا يتجزأ من هوية كربلاء الدينية والاجتماعية.
المصدر: موسوعة كربلاء الحضارية، الجزء الأول، ص 231–232.