في كربلاء، حيث تختلط الرمال بعطر الشهادة، وتنبض الجدران بأنفاس الزائرين، يبرز اسم السيد "صادق آل طعمة" كشاب مثقف نابض بالإيمان، ينحدر من أسرة عريقة توارثت السدانة والكرامة والعقيدة، جيلاً بعد جيل.
ينتمي "آل طعمة" إلى بيت ديني اجتماعي له مكانة مرموقة في المجتمع الكربلائي، بيتٌ جمع بين قداسة النسب وحفاوة الخدمة، وبين مسؤولية السدانة وروح الانفتاح على الزائرين، فلطالما كانت عائلته من أبرز نقباء السادة الذين نذروا أنفسهم لخدمة زوار الإمام الحسين "عليه السلام"، واستقبالهم بحفاوة تليق بعظمة المرقد الشريف.
تربّى السيد صادق وسط بيئة مضمخة بالقيم الروحية، حيث تلاقح الدين بالأدب، وتشرب من بيئة تشيع بين جدرانها كلمات الولاء والوعي، فغدا نموذجاً حياً للعقيدة والسيادة والشرف.
تجلت ملامح هذا الشاب الأديب تميزه في مشاركته الدائمة في الفعاليات الأدبية والدينية التي تحتضنها كربلاء، ولا سيما الاحتفال السنوي الكبير في ليلة ولادة أمير المؤمنين "عليه السلام"، حيث يتوهج المولد في سماء المدينة، وتتعالى الأصوات بمديح الولاية.
لكن التميز لا يتوقف عند المشاركة فقط، بل يمتد إلى المقاومة الواعية، إذ وقف "آل طعمة" بشجاعة في وجه الموجات الفكرية الهدامة التي عصفت بالعراق في منتصف القرن العشرين، وخاصةً المد الشيوعي بعد عام 1959م، حيث كانت مواقفه واضحة في الدفاع عن العقيدة، مستعيناً بقلمه وخطابه ومكانته الاجتماعية.
ولم يكن نشاطه الثقافي عرضياً، بل أصدر في عام 1381هـ كتاباً توثيقياً رفيعاً في رثاء المرجع الكبير آية الله السيد ميرزا مهدي الحسيني الشيرازي "قدس سره"، وقد نال هذا الإصدار استحسان المهتمين بالتراث الديني الكربلائي.
بهذا الحضور المتأصل، مثّل السيد "صادق آل طعمة"، وجهاً من وجوه كربلاء النقية التي لا تزال تنجب من يحمل راية الإيمان والفكر في زمن التحولات، ومن يصوغ ولاءه للحسين "عليه السلام" شعراً ومواقفَ ونشاطاً حياً نابضاً.
المصدر: صادق آل طعمة، الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء، ج1، 2011، ص9-10.