على الرغم من إمتلاك الإمام العاشر في السلسلة الطاهرة للأئمة الإثني عشر المعصومين، علي الهادي (عليه السلام) لما لا يعد ولا يحصى من المناقب والفضائل التي إمتلكها من قبله آباؤه وأجداده (سلام الله عليهم أجمعين)، كالعلم، والحلم، والكرم، فضلاً عن الهيبة والعظمة في قلوب الناس، إلا أن من أشهر خصائص الإمام أبو الحسن الهادي (عليه السلام) هي مناظراته و محاججاته التي أذهلت القاصي والداني من كبار علماء عصره وفلاسفتهم ومؤرخيهم.
وكان من أهم تلك المناظرات التي ميّزت فترة ولايته المباركة نظراً لوقوعها في عصر كانت فيه المناقشات الفقهية والمجادلات العقائدية شاملة وعنيفة، هي تلك المتعلقة بفلسفة الإمتناع عن رؤية الله عز وجل في الدنيا والآخرة، وإستحالة التجسيم والوصف للذات الآلهية، وحقيقة التوحيد، وإبطال الجبر والتفويض، اذ كان مما يُذكر عن تلك الفترة هو قيام طغاة بني العباس بإستدعاء أدهى علماء وشيوخ الأقطار الإسلامية آنذاك من أجل إحراج الامام الهادي (عليه السلام) أو للفصل في المسائل التي وقع فيها الإختلاف، وكان للإمام (عليه السلام) القول الفصل والحجة المفحمة في جميع تلك المسائل والمناظرات رغم صغر سنه ووقوعه تحت طائلة الظلم والإضطهاد على يد جلاوزة العباسيين.
ومما تذكره كتب التاريخ عن أهم تلك المناظرات هي ما حصل في بلاط أعداء أهل البيت من بني العباس وهو الطاغية العباسي (المتوكل)، عندما أمر أشهر شيوخ عصره، العالم المتشيع (إبن السكيت) بسؤال الإمام الهادي (عليه السلام) عن العلل الآلهية المتعلقة بمعاجز الأنبياء كعصا موسى، وإبراء عيسى للأكمه والأبرص وإحيائه الموتى، ومحمداً (صلى الله عليه وآله) بالقرآن، فما كان من الإمام أبي الحسن (عليه السلام) إلا أن يكشف عن تلك العلل بأدلة إعجازية مستنبطة من كتاب الله عز وجل وسط دهشة وذهول جميع من حضر تلك المناظرة الشهيرة.