ذكر القاضي النعمان (ابن حيون) أن زاهراً كان صاحباً لأمير المؤمنين (عليه السلام) وكذلك قد صَحِبَ عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولمّا كان معاوية قد أمر بقتل عمرو بن الحمق، وهرب منه نحو الجزيرة (الموصل) كان زاهر معه، فلما نزلا الوادي لدغت حية عمرو في جوف الليل، فأصبح منتفخاً، فقال لزاهر: تنحَّ عنّي فإنَّ حبيبي رسول الله (صلوات الله عليه وآله) قد أخبرني أنه سيشترك في دَمي الجنّ والإنس، ولا بد لي من أن أُقتل.
فبينا هما على ذلك إذا رأيَا نواصي الخيل في طلبه. فقال: يا زاهر تغيّب، فإذا قُتِلتُ فإنهم سوف يأخذون رأسي، فإذا انصرفوا فاخرج إلى جسدي فوارهِ.
قال زاهر: لا بل أنثر نَبْلي ثم أرميهم به، فإذا أفنيتُ نَبْلي قُتِلتُ معك. قال عمرو: لا، بل تفعل ما سألتُك، ينفعك الله به. فاختفى زاهر، وجاء أصحاب معاوية وأمسكوا عمرو بن الحمق وكان مريضاً فقتلوه وقطعوا رأسه، ثم فحملوه فكان أول رأس حُمِلَ في الإسلام، ثم نصبوه ليراه الناس.
فلما انصرفَ قَتَلَة الخزاعي، خرج صاحبه زاهر فوارى جثّته. ثم بقيَ زاهر ثابتاً على عقيدته وولائه لأهل البيت (عليهم السلام) فلما نهض الإمام الحسين (عليه السلام) كان زاهر معه وحضر الطف وقاتل حتى استُشهد (رضوان الله عليه).
يُراجع:
تسمية مَنْ قُتِلَ مع الحسين (عليه السلام) من ولده وإخوته وأهل بيته وشيعته للفضيل بن زبير الأسدي، ص29.
شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي، ج2، ص31-32.