الإنسان حالة تتأرجح بين المكان والزمان تزول بزوال الزمان وتحول المكان فالزمان يؤثر فيه، فيكبر ويهرم ويموت، ولا يستطيع إيقاف حركته حتى لو أراد ذلك، والمكان يؤثر في الإنسان بتأثيرات شتى فقد يفرحه، وقد يحزنه، وقد يميته، وقد يعليه، وقد يحط قدره. وهنا يظهر تأثير المكان والزمان فيه، فقد يكون عالماً أو جاهلاً، عظيما أو وضيعاً، طيباً أو شريراً.
من خلال خطاب الإمام الحسين قبل وقوع المعركة، يمكن رؤية جدلية المكان والزمان. فقد رفض الإمام الحسين الخضوع لحكم يزيد بن معاوية وطالب بالعدل والإصلاح في المجتمع الإسلامي. ومع ذلك، وجد نفسه محاصرًا في مكان ضيق ومحدود مثل كربلاء، حيث تم تعطيل حركته ومنعه من الوصول إلى المدن.
هذا التضاد أدخل إمام الحسين في تغيير الزمان والمكان، الواقع القاسي الذي واجهه في كربلاء، يعبر عن جدلية المكان والزمان في الخطاب الحسيني. ومن ناحية أخرى، أصبحت واقعة من هذا النموذج قويًا للصراع بين الخير والشر، العدل والظلم، والثبات على المبادئ والقيم بغض النظر عن الظروف الصعبة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن رؤية جدلية المكان والزمان في رد فعل المجتمع تجاه واقعة الطف فقد تحولت كربلاء من مكان هادئ ومعروف بالعبادة إلى ساحة صراع وموقع لمأساة كبيرة ومع مرور الوقت، تحولت واقعة الطف إلى رمز للثورة والثبات على المبادئ، وتحولت الشهادة فيها إلى مصدر إلهام للمسلمين.