ذكر كتاب "البحث عن الملوك والغزاة-غيرترود بيل وعلم الآثار في الشرق الأوسط"، لمؤلفته "د. لـيـزا كـوبـر"، أن المؤرخة والكاتبة البريطانية الشهيرة الـ "مس بيل" قد شجعت فريق علمي ألماني على القيام ببعثة إستكشافية في قصر "الأخيضر" الأثري بمدينة كربلاء المقدسة.
وذكرت مؤلفة الكتاب، التي تعمل كباحثة وكأستاذة في مجال فن وآثار الشرق الأدنى بجامعة كولومبيا البريطانية، أنه "في 30 آذار من عام 1909، وبعد يومين فقط من مغادرتها الأخيضر، أجرت بيل أول زيارة لها إلى الحفريات الألمانية في مدينة بابل التاريخية، حيث تشير رسائلها المكتوبة في تلك القترة، إلى أن الألمان لم يكونوا على علم بالقصر المذكور ولم يكونوا قد رأوه من قبل، ناهيك عن غياب التخطيط لرحلتهم الاستكشافية اليه، ومع ذلك، فقد تأثروا للغاية بمعالمه، حيث إتفقوا حينها على أنه (أهم مبنى يتم اكتشافه على الإطلاق آنذاك) حسبما ذكرت مس بيل".
وتابعت "كوبر"، أن "بيل كانت فخورة بإكتشافها في الأخيضر لتكتب حينها بأنه (أعظم ضربة حظ حدثت لها على الإطلاق، حيث ستقوم بنشره في دراسة كبيرة خاصة بها الى درجة أنها ستحدث تأثيراً في المجال البحثي)، مما يعكس بالتأكيد الإنطباع الموجود لدى الباحثة البريطانية في أسبقيتها بإستكشاف الموقع، إلا أن ما يمكن إستنتاجه بعدها هو أن الألمان المنتمين الى (جمعية المشرق الألمانية) البحثية أو (Deutsche Orient-Gesellschaft)، وبعد أن سمعوا بعظمة معلم حضاري بارز كالأخيضر، قد قرروا استكشاف المكان بأنفسهم، نظراً لكونه لا يبعد سوى مسيرة يومين على الأكثر من بابل، وربما كان رئيس الفريق عالم الآثار الشهير (أوسكار رويثر) وزملاؤه قد شعروا أنهم قادرون على إنتاج دراسة أكثر شمولاً وعلمية من بيل، نظراً لمهاراتهم المعمارية الهائلة والتدريب الأثري الذي تلقوه، ولذا فقد شرعوا في نشر تقريرهم الخاص في الوقت المناسب".
وأشار الكتاب الى أن "بيل، من جانبها، لم تكشف أبداً عمّا يمكن تفسيره على أنه مخطط مخادع من جانب الألمان، أو أن تعرب في ما تبقى من حياتها عن أي مرارة من الحادث، إلا أن التلميح الوحيد لما شعرت به حينها كان قد جاء في خطاب ألقته بعد وفاتها، أخت زوجها (الليدي إلسا ريتشموند)، عن حياة بيل وإنجازاتها، والذي أُقيم خلاله حفل لجمع الأموال لصالح المدرسة البريطانية للآثار في العراق، حيث أفادت (ريتشموند) بخيبة الأمل الكبيرة التي عانتها جراء قيام علماء آثار ألمان بنشر كتاب عن الأخيضر بالرغم من أنها كانت السبب في معرفتهم بوجوده أصلاً".
المصدر: In Search of Kings and Conquerors, Gertrude Bell and the Archaeology of the Middle East - Lisa Cooper. [Pg. 125-127]