للنقل أهمية كبيرة في تطور المدن وتوسعها، كما يؤثر في شكلها واستعمالات الأرض الحضرية، إذ يعد بمثابة الشرايين التي تربط أجزاء المدينة مع بعضها، كما توجد علاقة بين التخطيط المستقبلي لطرق النقل والخطة العامة لتطور المدينة، فلا تأتي أهمية الشوارع في المدينة باعتبارها مسالك لوسائل النقل ومرور المشاة فحسب بل تعد أيضاً مناطق يتجمع حولها وعلى امتدادها مختلف استعمالات الأرض الوظيفية.
لقد أدت تسهيلات النقل داخل مدينة كربلاء المقدسة من خلال شق الشوارع الحديثة إلى تدفق الزائرين والبضائع والعمال وتطور الاستعمالات الأخرى في المدينة، وأدت إلى ارتفاع قيمة الأرض للمواقع التي تكون فيها تسهيلات النقل جيدة، ومدينة كربلاء المقدسة توسعت وتطورت بفعل طرق النقل وترتبط المدينة بشبكة طرق خارجية تمتد إلى بغداد ذات ثلاثة ممرات والى النجف الأشرف وبابل ذاتي ممرين، أما الشبكة الداخلية في المدينة فتتألف من شوارع حلقية تحيط بمركز المدينة وشوارع مستقيمة على طول الأحياء السكنية الحديثة فضلا عن الشوارع الخدمية التي تربط المناطق السكنية بالشوارع الرئيسة في المدينة .
تميز هيكل مدينة كربلاء المقدسة بأنه يربط بين مفهومي الطرق الدائرية المتراكزة والقطاعات، إذ يتخذ الجزء التقليدي من المدينة وهو الجزء المحيط بالمرقدين الشريفين شكل الدوائر المتركزة حول الضريحين، فالدائرة الأولى تبدأ من المركز حيث ساحة أهل البيت، أما الدائرة الثانية فيمثلها الشارع المحيط بالمدينة القديمة على مسار سورها القديم ويمكن إكمال هذه الدوائر بطريقتين: الأولى هي شارع ميثم التمار في الجزء الشرقي من المدينة والثانية هي شارع السوق الشعبي قرب جمعية فيض حسيني، أما باقي أنحاء المدينة فتأخذ شكل قطاعات نصف دائرية حول المدينة القديمة بمواجهة البساتين في الجزء الشمالي.
أما بالنسبة للنسيج الحضري فيلاحظ وجود نوعين من هذا النسيج هما النسيج الحضري التقليدي في مركز المدينة القديم المتمثل بالأزقة الضيقة المتعرجة مغلقة النهايات في أغلب الأحيان المستجمع لمعظم الصفات المميزة للمدينة العربية التقليدية، والأخر النسيج الحضري الحديث ذو الطرق العريضة المستقيمة ذات النمط الشبكي، وبشكل عام يميل النسيج الحضري المدينة كربلاء المقدسة نحو التركز، إذ نلاحظ أن كثافة البناء ترتفع قرب مركز المدينة وتنخفض في الأطراف ولا يشذ عن هذه القاعدة سوى حي العباس الذي يقع إلى الشمال من المدينة حيث تفصله البساتين عن مركزها.
وضمت المدينة ما يزيد عن (60) حياً سكنياً، تسعة منها تمثل الجزء التقليدي من المدينة، أما المنطقة الانتقالية فتمثلها كل من العباسية الشرقية والعباسية الغربية، وبقية الأحياء تأخذ شكل النظام الشبكي.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور الجغرافي، ج2، ص 236-238.